الخروج من الخزانة أو عدمه
إذا دخلتم على هذه الصفحة، عالأغلب أنكم تتسائلون إذا عليكم الخروج من الخزانة (أي الإفصاح عن ميولكم الجنسية أو هويتكم الجندرية) أمام عائلاتكم وأصدقائكم أم لا، وكيف يمكنكم القيام بذلك إذا قررتم. هذا سؤال طبيعي جداً. جنسانيتنا وهويتنا الجندرية تشكلان جزء مهم جداً من حياتنا، بل يتم الإحتفال بهما إذا كنّا غيريين ومطابقي الجندر. لكن أن نكون كويريين يعني أن الجزء الذي يتم الإحتفال به عادة، يتم محاسبتنا عليه في تلك الحالة. أحياناً، تشكل حجة لتبرير التنمر علينا واضطهادنا والإسائة لنا. لذا، لا يوجد لدينا مساحة يمكننا التعبير عمّا نحب ومن نصاحب وكيف نؤدي هويتنا الجندرية بشكل صاخب.
قد تشعرون أنكم تختنقون داخل الخزانة. تلك الخزانة هي مصطلح اخترعوه أفراد من مجتمع الميم-عين في سياق غربي محدد، للتعبير عن إخفاء الميول الجنسانية والهوي الجندرية عن الأشخاص الموجودين في حياة الإنسان وإبقائها سرّاً. الخروج من الخزانة يعني الإفصاح عن هذا السر والقدرة على العيش بشكل "طبيعي" إلى حد ما دون الحاجة لإخفاء جزء مهم من حياتكم.
عندما يأتي الموضوع لمنطقتنا، تختلف الأمور بعض الشيء. لا يوجد قوانين يمكن أن تحميكم على أساس هويتكم أو ميولكم الجنسية والجندرية. لا يوجد شبكة حماية مؤمنة من قبل الحكومة في حال تم طردكم من منزل العائلة. لذا، الخروج من الخزانة يمكن أن يعني أن على الشخص أن يخاطر ببعض الأمور التي تتعدى شعور عائلتهم بأنهم "غريبي الأطوار".
لهذا، سألنا بعض عضوات وأعضاء مشروع الألف عن تجاربهم، ليشاركونا قصصهم مع الخروج من الخزانة.
هل شعرتم بأن الخروج من الخزانة ضروري؟
"أعتقد أن الخروج من الخزانة أمر مبالغ بأهميته، لكن يمكن أن يشعرنا بالراحة،" تكتب خلود، 24 سنة.
"أعتقد أننا خدعنا أنفسنا من خلال مشاهدة أفلام البيض عن الخروج من الخزانة أمام العائلات، وهي قصص عادة لها نهاية سعيدة. كبرنا ونحن نؤمن بأن هويتنا ستفتقد بعض الأجزاء إذا لم نفصح عنها أمام أهلنا. خطاً. خطأ كبير،" يشاركونا جميل، 29 سنة.
"الخروج من الخزانة ليس ضرورياً. يستطيع الجميع أن يعيشوا حياة خاصة وحقيقية كما يريدون، فيشاركون التفاصيل الحميمية مع أشخاص محددين فقط،" أليكس، 24 سنة.
أغلب عضواتنا شعروا بأنه ليس من الضروري الخروج من الخزانة، لكن وعد العيش كما تريدون أمام الآخرين يعطينا بعض الراحة. لكنها ليست أمراً يمكننا القول بأنه أساسياً. فال، عمرها 33، تخبرنا أنّه "في عالم مثالي، يكون الخروج من الخزانة أمراّ يعبر عن الفخر والتحرر. وذلك ليس للقول أنه ليس كذلك الآن، لكن لا يمكننا أن نفكر أن تلك تجربة الجميع. في العالم الذي نعيش فيه، يمكن لهذا الفعل المبني على الأمل والمقاومة أن يؤدي إلى تعنيف وقتل الشخص المعني."
لماذا خرجتم من الخزانة؟
"في يوم من الأيام، كنت سكرانة، في حالة كآبة ومشاعر انتحارية غير مسبوقة، فقلتها لأمي بصوت عالي. كنت أردد كل الأسباب التي تجعلني أشعر بأني لا أنتمي إلى هذا العالم، خاصة في لبنان، فذكرت أنني "أحب النساء،" تقول سحر، عمرها 31. بالرغم من أنّ أمّها متديّنة ومحافظة، تلقت الموضوع بسلاسة.
على الضفة المقابلة، تخبرنا فال بأنها اضطرت للإفصاح عن هويتها الجندرية عندما خسرت كل الأمل. "كنت أطمح بأن يتم التعامل معي بحنيّة وتعاطف بسبب هويتي الجندرية. لكن تم التعامل معي بصرامة من قبل أهلي، حتّى أنهم هددوني بالقتل." قصص سحر وفال تعبران عن ردتي فعل مختلفتين، وقد أنت الجرأة للإفصاح بالنسبة لهما من مشاعر وأماكن مختلفة.
تخبرنا حلا، عمرها 26، عن سببها للخروج من الخزانة. "فعلتها مرّة واحد، كنت حينها أتعشى أنا ووالدي، وحدث الموضوع بشدة العفوية. عندما أفكر في تلك اللحظات، لا أعرف فعلاً ما الذي كنت أبغاه من الأمر. ربما كنت أريد موافقته في درجة ما. وفي لحظتها، شعرت بأنني ربما كسبت موافقته، وبأن صمته كان طريقته في قول "إنه لأمر جيد، لست غاضباً، كنت تعلمين أنّي لن أكن غاضباً وأنّي لن أعرف أن أرد عليك." يذكرني تفكير حلا بشيء بغاية الأهمية، وهو أننا مهما كبرنا، نضل نشعر أحياناً بأننا نريد موافقة وتأكيد الأشخاص الذين نحبهم.
الرغبة في أخذ الموافقة، الأمل بأن يحضوننا عائلتنا، الرغبة بأن نشارك ما نشعر به مدفوعين بسبب اليأس والشعور بالوحدة، كلّها أسباب تدفعنا لنشعر بأننا نريد الخروج من الخزانة. لكن احتمال وجود ردّة فهل عنيفة يذكرنا بأنه علينا أخذ بعض الأمور بعين الإعتبار قبل القيام بخطوة كتلك.
ما الذي تقولونه لشخص يفكر بالخروج من الخزانة؟
تقول سحر بأنه ليس هناك حلّا واحداً سحريا يناسب الجميع، لأن ظروفنا تختلف. "لا يمكننا أن نتنبأ دائماً ردّة فعل الأشخاص عندما نخبرهم،" تقول سحر.
تضيف أليكس، "برأيي، إذا كان يفكر أحدهم بالخروج من الخزانة، عليهم الإجابة على الأسئلة التالية: هل سأكون آمنة بعدها؟ هل ستؤثر بي ردّة فعل المتلقين السلبية؟ وهل يمكنني تحملها؟ هل أريد الخروج من الخزانة أساساً أو أنني أشهر بالضغط للقيام بذلك؟"
تماماً، تخبرنا خلود، "انا أعتقد أنه من الأفضل الإنتظار حتّى تصبحون مستقلين مادياً وعاطفياً. إذا كنتم تعتمدون على عائلتكم للعيش أو للتأكيد على ثقتكم بنفسكم، تجنبوا الموضوع." فهي قامت بالخطوة بعد أن أصبحت مستقلة مادياً على عمر صغير، وبالرغم من أنها قامت بذلك أكثر من مرّة، لا تزال أمّها تعيش في حالة نكران للموضوع. كذلك، تخبرنا حلا أنها كانت تعلم أن الخروج من الخزانة لن يكون بالصورة التحررية التي يرسمها الغرب النيوليبرالي. "سأشعر بالتحرر فقط عندما لا تضطر أمّي تحمل ردّة المجتمع عليها وكأنها لم ترّبني بما فيه الكفاية، في حال علم الجميه بأني مثلية." تكمل، "لا يوجد حرية داخل "الخزانة"، حتّى نكون جميعنا أحرار. أحرار دون شروط. أحرار من التوقعات والأدوار والوصمة. أحرار من العنف اليومي للنمطية الغيرية والرأسمالية الأبوية."
على نفس الموجة، يسألونا جميل، "لماذا هناك الكثير من الضغط علينا للخروج من الخزانة قبل أن نصبح أساساً جزء من المجتمع والحركة الكويرية".
التأملات التي أخذناها من عضواتنا مهمة جدّاً. العديد منهم صارعوا مع أسئلة عديدة وأخذوا خطوة الخروج من الخزانة وقوبلوا بخيبة أمل. بعضهم توقع ردّة الفعل تلك، وتسائلوا، ما الذي كانوا يريدونه من قول الحقيقة عن جنسانياتهم أو هوياتهم الجندرية.
تأتي الرغبة بالخروج من الخزانة من الرغبة بأن نحضن ويقال لنا بأن كل الأجزاء فينا يمكن حبها وتقبلها. ربما تريدون القيام بتلك الخطوة، لكن تأكدوا بأن لديكم خطة بديلة. مكان آمن ومحمي. عائلة اخترتموها يمكن أن تعطيكم التأكيد الذي تتمنونه. وستعرفون أن الأمور تصبح أسهل كلما كبرتم، وكلما أصبحتم مستقلين أكثر أو مكثم في منزل بعيد عن أهلكم. يصبح من الأصعب إسكاتكم أو إشعاركم بأنكم غير محبوبين.