الأمومة المقيدة: الدولة اللبنانية في زمن التغير الديموغرافي والقيم الأخلاقية

الأمومة المقيدة: الدولة اللبنانية في زمن التغير الديموغرافي والقيم الأخلاقية
كتابة رلى ياسمين، بتول سكّر

ترجمة رلى صغير

[الرسمة المستخدمة هي لعماد جبراييل، على موضوع الصحة الشاملة، قد تم رسمها لمشروع الألف]

نشرت النسخة الإنجليزية في Sexual and Reproductive Health Matters
مجلد 27، إصدار 2
موضوع المجلد The Impact of Politics on Sexual and Reproductive Health

 

الملخّص: تبرز الفكرة الراسخة اجتماعياً بأن الأمومة ضرورية لاكتمال الكينونة النّسائية بقوة في كيفية نظر الدول إلى المشاركة السياسية للنّساء من خلال قدراتهنّ الإنجابية. في لبنان، تؤثر الأجندة السياسية للدولة على القوانين والسياسات المقيّدة أو المشجّعة للإنجاب على النّساء، في ارتباطها بأوضاعهنّ المتعلّقة بالجنسيّة والطائفة والزّواج والحالة القانونيّة. منذ سنة 1943، أثار النظام اللبناني التّناسبيّ، أي توزيع الدّولة للمقاعد النيابية على الأحزاب السياسية الطائفية على أساس حجم منتسبيها، المخاوف من حدوث تغييرات ديموغرافية عبر الطوائف. كما يشير السياسيون إلى هذا الخوف باعتباره السبب في حرمان القانون للنّساء اللبنانيات من حقوقهنّ في إعطاء الجنسية إلى أطفالهنّ وأزواجهنّ غير اللبنانيين. نظرا لتواجد العدد الأكبر عالميّا للاجئين نسبة لعدد السكان في لبنان، فإن الخوف من الإخلال بـ"التوازن الطائفي" يصطدم مباشرة بالاستقلالية الإنجابية لكلّ من اللاجئات السوريات والفلسطينيات. بالإضافة إلى ذلك، تقيّد النساء المهاجرات المقيمات في لبنان إلى القيام بأدوارهن كعاملات، وبالتالي يحرمن من صحتهن وحقوقهن الجنسية والإنجابية. كما أنّ لدى الدّولة خوف آخر  يتمثل في تغيّر القيم الأخلاقية، إذ يُنظر إلى الأمومة والأبوّة لدى النساء العازبات والكويريّات وغير الممتثلات/ين جندريّا والأشخاص حاملي/ات ملامح الجنسين، على أنها انحراف وتهديد للقيم التقليدية. تهدف هذه المراجعة إلى إبراز كيفيّة ممارسة الدولة اللبنانية للقمع الإنجابي على جزء من السكان مع إهمال ظروفهم المعيشية الصعبة ومفاقمتها، من خلال الخوف من تغيّر القيم الأخلاقية والتغيرات الديموغرافية.

المقدّمة:

في معظم مسارات معدل نموّ السكان، تؤثر سياسات الدولة التي تحدّ من الخصوبة أو تحفزّها، في المقام الأول، على النساء ووظائفهن الإنجابية. إنّ صيانة الدّولة وحمايتها لمفاهيم الوطنيّة والأصل، وتطبيع المغايرة الجنسيّة، والجندر  باعتباره ثنائيّا، والأمومة فطريّة لجميع النساء، والزواج كالمؤسسة الوحيدة المقبولة لتشكيل الأسرة، هي إحدى طرق حفاظها على سلطتها.[1] تهدف هذه المقالة إلى استكشاف علاقة الدولة اللبنانية بالأمومة، ولا سيّما كيفيّة تصنيفها للأمّهات "الصالحات" والأمهات "السيئات". يشير "الصّلاح" إلى نوع الأمومة المدعوم والمنشور والمشجّع من طرف الدّولة، بينما يشير "السّوء" إلى نوع من الأمومة المرفوضة والمشيطنة والمقموعة بشكل نشط.

بما أن الجسد الأنثوي صار ممثّلا بجسد الأم أو تلك التّي ستصبح أمّا، فقد قُرنت هذه الجسديّة بمفهوم مثالي للأمومة، وهو الفكرة الصّارمة المطالبة بأن تجسد النساء الرعاية والتضحية ونكران الذّات والنّقاء، والصّلاح بشكل عامّ. [2] إن دمج خصائص الأمومة المثالية مع تلك الخاصة بكينونة النّساء المثالية يجعل من الأمومة جوهر المرأة. غالبًا ما يتم اعتماد هذه الآراء بصرامة من قبل الدولة، فقد استخدمت كأسس ضروريّة لاقتصاد رأسمالي يتطلب بقاء العمل المنزلي والعمل الإنجابي غير مدفوعي الأجر ومعصومين من المسائلة. [3] خارج المنزل وداخل سياسات الدولة، يتم ترسيخ مفاهيم الأمومة عن طريق التأكيد على تمثّلأ أهم مشاركة سياسية للنّساء في خدمة تحقيق البرامج السياسية المؤيدة للولادة أو المناهضة لها. على هذا النحو ، تستهدف جهود الدولة، المبذولة لزيادة عدد السكان أو تقليله، النساء في المقام الأول وقدراتهن الإنجابية إما من خلال تحفيز الإنجاب أو إدانته. [4]

في أوقات الأزمات الاقتصادية أو السياسية أو النزاعات، غالباً ما تركز المناقشات الوطنية على استراتيجيات واحتياجات النمو السكاني. على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى النظرية المالتوسية الموحية بأن السكان، متى كانوا غير مقيّدين بالسياسات الديمغرافيّة، سيزيدون أضعافا مضاعفة ويستنزفون موارد الدولة، ممّا يعني، ضمنيّا، أن عددا سكانيّا أصغر سيؤدي إلى انخفاض الفقر وارتفاع مستويات المعيشة. [4] من ناحية أخرى، يؤيد أنصار المجموعات السكانية الكبيرة فكرة أن السكان قوة ضرورية في أوقات الحروب ولبناء إمبراطورية. في الأماكن التي تكون فيها التجمعات الإثنية أو الدينية ذات أهمية حاسمة في تكوين دولة، يولّد مفهوم "أصل" أو "نوعية" السكان تركيبا لنوع من السكان الأصليين شبيها باليوجينيا، أي علم تحسين النسل. [4] تهتم سياسات تحسين النسل في المقام الأول بـ "نوعية" السكان، حيث يتم تشجيع القمع النشط أو تحفيز الإنجاب لبعض المجموعات السكانية الفرعية من خلال أجهزة الدولة المختلفة. [4] ضمن نظام تقاسم السلطة، الذي تحافظ عليه التركيبة الطائفية للسكان بسهولة، يكون تركيز الدولة اللبنانية على الوظائف الإنجابية للنساء ومواطنتهنّ ذا دوافع سياسية بامتياز. [5] من خلال جعل ظروف المعيشة لا تطاق بالنسبة لملايين اللاجئين/ات والمهاجرين/ات المقيمين/ات، ومنع المواطنات اللبنانيات قانونيّا من نقل جنسيتهن إلى أطفالهن وأزواجهن غير اللبنانيين، بالإضافة إلى دعوة الملايين من الشتات للمطالبة بالجنسية [6]، يبدو واضحا أنّ دعوة الدولة للتجنس الشامل من أجل الازدهار الاقتصادي [7] ليست دعوة عامّة للجميع.

يبدو أن الدولة اللبنانية لا تتبنّى النظرية المالتوسية لضبط السكان ولا النّظريّات المشجّعة على النمو . بدا من ذلك، فهي تعرض شكلاً من أشكال خطاب تحسين النسل، أو اليوجينيا، من خلال "(عدم) التشجيع التفاضلي على الحمل في شرائح مختلفة من السكان". [4] تقدم هذه المقالة طرحا عن كيفية إدانة الدولة اللبنانية للأمومة المنحرفة تحت حجّتين: أولاً ، الخوف الديمغرافي الذي يحرم النّساء اللبنانيات من منح جنسيتهنّ وينبذ السكان اللاجئين والمهاجرين المقيمين في لبنان، وثانيًا، الخوف الأخلاقي من انحطاط الأسرة والقيم التقليدية بإقصائها للأمهات والآباء غير المتزوّجات/ين والمثليّات وغير الممتثلات للجندر.

الخوف من التّغير الديمغرافي

تنبع التّخوفات المزعومة عن التوازن السكاني في لبنان من نظام تقاسم السلطة الذي يخصص مناصب الدولة وفقًا للأحزاب السياسية الطائفية من خلال النظام الطائفي. في النظام الطائفي في لبنان، يتولى الرئاسة مسيحي ماروني ، بينما يشغل منصب رئيس الوزراء ورئيس البرلمان مسلم سني ومسلم شيعي على التوالي. [8] في عام 1943، خصص اتفاق غير مكتوب عُرف باسم "الميثاق الوطني اللبناني" نسبة 6 إلى 5 مقاعد برلمانية لصالح المسيحيين مقارنة بالمسلمين. [8] استندت هذه النسبة إلى إحصاء من سنة 1932، أجري تحت الاحتلال الفرنسي، وهو آخر تعداد معروف للبنان. في عام 1989، بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، عدّل اتفاق المصالحة الوطنية (المعروف باسم اتفاق الطائف)، والذي لا يزال يحكم النظام الطائفي اللبناني اليوم، هذه النسبة دون الإشارة إلى أي إحصاء محدث، بنسبة 5 إلى 5 مقاعد برلمانية لكل من المسيحيين والمسلمين. منذ ذلك الحين، تم الطّعن في التّقسيم الديموغرافي الطائفي لتعداد عام 1932 على أساس المبالغة في الحجم النسبي للمسيحيين في لبنان من خلال القبول السريع للمهاجرين/ات المسيحيين/ات (الأرمن والكلدان والسريان من أصل تركي)، واستبعاد المهاجرين المسلمين ( الأكراد القادمين من تركيا)، ووضع عوائق بيروقراطية على السكان غير الشرعيين [8] (الذين بقي نسبهم عديم الجنسية وغير مسجل حتى اليوم). [8] حالياً ، انخفضت نسبة المسيحيين إلى المسلمين بشكل كبير نتيجة للهجرة المرتفعة وانخفاض معدلات المواليد بين المسيحيين. [9]

النّساء اللبنانيات

طوال عقدين من الزمن، تم رفض مطالب الناشطات في مجال حقوق النّساء فيما يخصّ حقّ النساء اللبنانيات في نقل جنسيتهم إلى أطفالهنّ وأزواجهنّ من غير اللبنانيين، على أساس أن هذا السّماح قد يزعزع "التوازن الطائفي" في البلاد. [5] أثناء تجاهلهم الصارخ لحقوق المواطنة للنّساء اللبنانيات في السنوات السبعين الماضية، وجد السياسيون اللبنانيون من مختلف الأحزاب السياسية أنفسهم في مأزق شدّ حبل امكانيات التجنيس بين السكان الطائفيين، وذلك لبناء الحزبية التي من شأنها أن تفيدهم في الانتخابات المقبلة. [10] تشمل ثلاثة أمثلة بارزة على مراسيم التجنيس مرسوما واردا في عام 1948، أثناء رئاسة كميل شمعون، والذي صدر لغالبية مسيحية من اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات، [11] ومرسوما ثانيا ومتنازعا عليه للغاية لا يزال قيد المراجعة [10] بقيادة رئيس الوزراء رفيق الحريري لأجل تجنيس أكثر من 150000 شخص يحسب ثلثهم تقريباً على المسلمين في عام 1994، [12] ومؤخراً ، في مايو 2018، إعلان الرئيس عون أن 375 شخصًا، 70٪ منهم مسيحيون، سوف يحصلون على الجنسية اللبنانية. [13]

تبدو جهود التجنيس هذه ضحلة مقارنة بالعزم الذي أبداه وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، جبران باسيل، زعيم حزب التيّار الوطني الحرّ، عندما أطلقت وزارته موقعًا رسميًا على الويب [14] يحث زوجات الرجال اللبنانيين من الأجنبيات، أو أي شخص آخر  من نسب لبناني من خلال الأب أو الجدّ، على المطالبة بالجنسية. أثناء زيارته للبرازيل في عام 2016، دعا باسيل المغتربين اللبنانيين، والمعروف عنهم أنّ أغلبيتهم مسيحية، لاستعادة هوياتهم اللبنانية وتراثهم ومواطنتهم، كما لمّح إلى كون التضامن الطائفي ضروريا في الصراع من أجل البقاء في لبنان. [7] ولزيادة الطين بلّة، اقترح باسيل في مارس 2018 تعديل قوانين الجنسية للسماح للنساء اللبنانيات بإعطائها، طالما أنهنّ غير متزوجات من رجال من دول مجاورة. [15] يصف هذا التعديل نظرة الدّولة الأبوية للنساء الصالحات مقابل النساء اللبنانيات السيئات. عند اختيار الزوج الأجنبي "الصحيح"، سيتم تجنيب النساء اللبنانيات الصالحات الإذلال والتوتّر المتعلّق ببيروقراطيّة طلبات الإقامة الطويلة ورسومها، [5] والأهم من ذلك، سينظر إليهنّ أخيرا، في أدائهنّ لواجباتهنّ (الزّوجتية) تجاه الدولة، على أنهنّ مواطنات كاملات الشرعيّة. في الآونة الأخيرة، اقترحت اللجنة الوطنية للمرأة اللبنانية (NCLW)، وهي مؤسسة رسمية تابعة مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء، تعديلاً على قانون الجنسية لا يسمح للمرأة اللبنانية بتمرير جنسيتها إلا لأطفالهنّ الذين/اللواتي تقلّ أعمارهم/نّ عن 18 عامًا. [16]

كانت "بطاقة خضراء" ستُصدر لمن هم/هنّ فوق سنّ 18 عامًا (مشروطة بعدم وجود أي تهم جنائية سابقة أو حالية أو جنسيات من دول معادية)، وهي التّي تخوّل منحهم/نّ الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن ليس الحقوق السياسية أو حقوق الملكية أو الحق في وظائف في المناصب العامة. [16] فقط بعد امتلاك البطاقة الخضراء لمدة خمس سنوات، يمكن أن يتقدم أولئك ممّن يفوق عمرهم/نّ 18 عامًا للحصول على الجنسية اللبنانية؛ وبالتالي، ليست حقوق الجنسية مضمونة لهم/نّ، ولكن تتمّ معاملتهم/نّ بالأحرى كأجانب يسعون إلى التجنس في لبنان الذي يُخضع طلباتهم/نّ للمراجعة كلّ على حدة. [16] بينما تدعي اللجنة الوطنية للمرأة اللبنانية (NCLW) أنّ هذا التعديل القانوني يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الرجال والنّساء في لبنان، إلّا أنه لن يتم منح النساء اللبنانيات حقوق المواطنة الكاملة مقارنة بنظرائهنّ من الذكور. في الواقع، نظرًا لأن أطفال الرجال اللبنانيين لا يحتاجون إلى إثبات السلوك الجيد من أجل المواطنة الكاملة، سيتعيّن تقييم مدى أهلية أطفال النساء اللبنانيات، الذين تجاوزوا/ن الثامنة عشرة، الأخلاقية، والتّي تؤهّلهم/ن لأخذ هذه الجنسية؛ وهو تقييم يلقي الضوء على نوعية التربية ونقل القيم القومية التي انبغى على الأم الصالحة أن تقوم بها. تفرض هذه العوائق القانونية والاجتماعية التمييزية التي تواجه النساء اللبنانيات وأطفالهنّ وأزواجهنّ البالغ عددهم 21796 [17] مفاهيم متحيزة عن المرغوبيّة.

يتعرض أزواج وأطفال النساء اللبنانيات من غير المواطنين للمضايقة بانتظام من خلال تجديد تصاريح الإقامة والعمل، تقييد فرص العمل والحماية، بل يصل الأمر إلى تعهدهم في البداية بعدم العمل على الإطلاق. [5] يشير حصر أزواج النساء اللبنانيات في الغالب بالعمل اليدوي والتأكد من عدم تمكنهم من الحصول على وظائف أعلى مهارة وأجرا إلى أن الدولة ترى أنهم يشكلون خطراً على سوق عمل الرجال اللبنانيين. [18] ومع ذلك، فإنه لا يمكن للدّولة تصوّر الخطر نفسه على سوق العمل للنّساء اللبنانيات، عندما يتزوج رجل لبناني من غير مواطنة. مما لا شك فيه، إن الدولة مطمئنة إلى أن دخول النساء، إن كنّ مواطنات أم لا، إلى سوق الشّغل لن يهدد قابلية توظيف الرجال اللبنانيين، وذلك لمحافظة التفاوتات النظامية، بما في ذلك السقف الزجاجي والتقسيم المجندر للعمل، على قيمة الزوجات المنشغلات بالعمل المنزلي غير مدفوع الأجر بدلاً من محاولتهنّ القيام بالإعالة بمفردهنّ أو أن يكنّ ربّات أسر. [19]

النّساء اللاجئات المقيمات في لبنان

يستضيف لبنان أعلى عدد من اللاجئين نسبة للفرد في العالم، لكنّه لم يوقع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو بروتوكولها لعام 1967. ومع ذلك، فإن لبنان من الدول الموقعة على العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان ذات الصلة بحماية اللاجئين. تعمل كل من مفوضيّة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) رسميًا في لبنان. [20] فقد أمضى اللاجئون الفلسطينيون 70 سنة والسوريون 7 سنوات يعيشون في لبنان. تُبرّر القيود التّي تضعها الدولة اللبنانية عمدا ضدّ تحسين نوعية حياة اللاجئين/ات السوريين/ات بعد انتفاضة عام 2011، والفلسطينيين/ات بعد الاحتلال الإسرائيلي والهجرات الفلسطينية في عامي 1948 و 1967، من خلال الاهتمام المزعوم "بحق العودة" لكلا الشعبين، أي، انتقالهم إلى أي مكان آخر. [21،22] يمكن ربط هذا الإصرار على منع كلّ هؤلاء اللاجئين، ذوي الأغلبية المسلمة، من ظروف معيشيّة إنسانية، مع تقييد الفلسطينيين/ات بشكل خاص من الحصول على أي حقوق مدنية أو سياسية، أيضًا بـالتّيمة المتكرّرة عن الحفاظ على التوازن الطائفي. نتيجة لذلك، تؤثر الأجندة السياسية للحكومة اللبنانية [23 ، 24] والتمييز الذي تمارسه المجتمعات المضيفة وأنظمة الرعاية الصحية اللبنانية [23،25،26،27] بطريقة سلبيّة على الصحة الجنسية والإنجابية واستقلالية القرارات الانجابيّة للنّساء السوريات والفلسطينيات.

     النّساء الفلسطينيّات

قبل أسبوع واحد فقط من إعادة تفعيل الرئيس الأمريكي ترامب قاعدة كمّ الأفواه العالمية[1]، عانت الأونروا، وهي الوكالة التي تقدم للفلسطينيين/ات خدمات التعليم والرعاية الصحية متى رفضت الدّول المضيفة توفيرها، من تخفيض كبير في الميزانية من قبل الإدارة الأمريكية تمثّل في انحدار من 350 مليون دولار إلى 60 مليون دولار. [28] والأونروا هي المصدر الرئيسي لخدمات الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والأطفال الشاملة بالنّسبة للفلسطينيات هنا والفلسطينيات القادمات من سوريا واللواتي يعشن في لبنان. [29] فسّرت الدّولة اللبنانية هذا الهجوم على الأونروا، المشكّل لتهديد حقيقي لإعالة واستمراريّة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، على أنه بادرة خطر تسوية الإقامة الدائمة للفلسطينيين/ات في لبنان. [24] على مدى السنوات السبعين الماضية، تم تبرير التّفاقم الممنهج لتدهور ظروف وأوضاع الفلسطينيين/ات في لبنان كجزء من خطّة الدولة اللبنانية طويلة الأجل لتثبيت العودة. اليوم، تعيش أغلبية ساحقة من الفلسطينيين/ات في الفقر، وتقيم في مناطق تفتقر إلى الهياكل التحتية الأساسية والسكن، ويُقيّد وصولها إلى الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية، وتواجه قوانين تمييزية. يقيد القانون اللبناني الفلسطينيين/ات من امتلاك العقارات، وبدء أعمالهم/نّ التجارية الخاصة، ومن توظيفهم/نّ في ما لا يقل عن 19 مهنة مزدهرة ذات نقابات، ويطالب بحصولهم/نّ على تصاريح عمل، ويبعدهم/نّ من استحقاقات الأمومة والمرض وبدل الأسرة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. [18] رغم أن هذه القوانين التقييدية قطعت شوطًا طويلاً من حيث بدأت، إذ تمّ إصدار تصاريح العمل فقط لمجالي البناء والزراعة، فإنها تثير مسألة التّفقير المتعمّد من خلال البطالة لعديد من الأجيال والأسر المعوزة في زمن اللّجوء والحاجة الماسّة، وعدم تشجيعها على متابعة التعليم العالي أو المهنة التي ستُمنع من ممارستها في كلّ الأحوال. لقد أدت هذه التمييزات القانونية والاجتماعية والسياسية إلى الربط القسري لكثير من الناس بمخيمات اللاجئين/ات ومنعت محاولاتهم من أجل الكسب وتحسين الظروف المعيشيّة.

يتبيّن النفاق في موافقة الدولة اللبنانية عن طيب خاطر تسجيل الفلسطينيين لدى صندوق الضمان الاجتماعي من خلال الزامهم وأصحاب عملهم بدفع نفس الرّسوم المفروضة، كما هو الحال من أي موظف لبناني، في حين أنّها تمنعهم بعد ذلك من الاستفادة الكاملة منه. يرسل صندوق الضّمان الاجتماعي رسالة واضحة إلى النساء الفلسطينيات العاملات: لن يدفع مقابل ولادة أطفالهن أو إجازة أمومة، ولن يدعمهن في مرضهن، وسيغطي إصابات العمل حصريّا، وفقط إن قبلن بشروط العمل هذه حتى سنّ الستين، عندها وعندها فقط، سيتمكنّ من الحصول على تعويضات نهاية الخدمة. [18] عند دخولهنّ إلى سوق العمل اللبنانية، على النساء الفلسطينيات التخلي عن استحقاقات الأمومة، لأنّها امكانيّة لا تحبّذ الدولة رؤيتها فيهنّ. ومع ذلك، عندما تتزوج اللاجئات الفلسطينيات من رجال لبنانيين، تصبح صورة أمومتهنّ مستساغة أكثر وتصير الدّولة أكثر قدرة على تحملها. وفقًا لقانون الجنسية، تقدر النّساء الفلسطينيات المتزوجات من رجال لبنانيين على الحصول على الجنسية اللبنانية بعد سنة واحدة من تسجيل الزواج. ومع ذلك، في الممارسة العملية، يبدو أن مديرية الأمن العام، وهي وكالة أمنية تابعة لوزارة الداخلية، تميل إلى تعطيل هذه العملية بين الأزواج الذين لم ينجبوا. في الواقع، صرّح ضابط رفيع المستوى في مديرية الأمن العام أنه خلال ثلاث سنوات من الزواج، ينبغي أن يكون للزوجين طفل/ة أو اثنان؛ حسب قوله، تساعد هذه العملية على تحديد الزيجات الوهمية من الزيجات الحقيقية. [30] ليس من المستغرب أن الممارسة الأبوية تنوّه بتنفيذ قانون الجنسية، معتبرة أن الزوجة الفلسطينية ليست كافية في زواجها حتى تلد طفلًا لبنانيًا وتصبح أمًا لبنانية.

في أقل من 20 عامًا، انخفض معدل الخصوبة الإجمالي للنساء اللاجئات الفلسطينيات المقيمات في لبنان من 4.49 عام 1987 [31] إلى 2.3 عام 2006. [32] على الرغم من وجود توقّع استثنائي لعام 2020 عن معدل خصوبة إجمالي سلبي بين اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات في لبنان، إلّا أنّ التوجّه العام التّناقصيّ في معدل الخصوبة الإجمالي لم يكن أمرا غير شائع على الإطلاق في ذلك الوقت، إذ شهدت اللاجئات وغير اللاجئات جميعًا في لبنان وسوريا والأردن انخفاضا في معدل الخصوبة الإجمالي. [33] مقارنة باللاجئات الفلسطينيات في سوريا والأردن، تتمتع النساء الفلسطينيات في لبنان بمعدل أعلى بكثير من استخدام وسائل منع الحمل في سن الإنجاب، وتزور أكثرهن عيادات الأونروا بشكل متكرر من أجل الحصول أساليب منع الحمل الحديثة، كما أنّهن يشكّلن النسبة الأكبر من النساء غير المتزوجات قطعا. [ 34] تشبه هذه الاتجاهات تلك التي تميّز  السكان المضيفين (اللبنانيين) والبلدان المتقدمة كليهما [34]، وهو ما يدلّ على كفاف الحاجة الإيجابي في استخدام وسائل منع الحمل، من منظور الصحة العامة. ومع ذلك، نظرا للظروف المعيشية الموصوفة سابقًا من إفقار مستمرّ وتمييز، ستكون مقارنة معدل الخصوبة الإجمالي للسكان ذوي الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية المختلفة اختلافًا جذريًا عن غيرهم، مقارنة غير دقيقة ومستعجلة. هناك حاجة لاستقصاء العوامل الأساسية التي تؤثر على خيارات النّساء الانجابيّة؛ من التخفيضات العدائية في ميزانيات خدمات الرعاية الصحية الإنجابية للأمهات الفلسطينيات في جميع أنحاء العالم [28]، إلى خطاب الدولة المضيفة الذي لا يفوت فرصة لتذكير اللاجئات بأنهن غير مرحب بهنّ وأنهنّ يجب ألا يشعرن بالاستقرار أبدًا. [24]

     الّنساء السوريات

أثار تدفق اللاجئين/ات السوريين/ات مشاعر وردود فعل مماثلة لتلك التّي مارستها الدولة اللبنانية تجاه الفلسطينيين، إذ يتم استخدام المخاوف السكانيّة كمبرر لنشر الخوف الديموغرافي بين الجمهور اللبناني. تغذي الجهات الحكوميّة مشاعر الاستياء والعداء بين الشعبين السوري واللبناني من خلال تقارير إعلامية عن تزايد الجريمة وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وهي شمّاعة ضروريّة للابتعاد عن تحميل الدولة اللبنانية المسؤولية على تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان. [35] يؤثر هذا العداء إلى حد كبير على اللاجئين/ات السوريين/ات المحرومين/ات أكثر بكثير من اللاجئين/ات من الطبقات الوسطى أو البرجوازية، إذ تجعلهم/نّ الاستهلاكية وقوّتهم/نّ الاقتصادية أكثر قابليّة للـ"تماهي" مع الطبقة المتوسطة اللبنانية. [35] من خلال نشر حالة من الهلع الأخلاقي (عندما يتم تعريف حالة أو مجموعة من الأشخاص وتقديمهم كتهديد للقيم والمصالح المجتمعية [36]) عن التغيير الديموغرافي الوشيك، تصف منافذ الأخبار استحواذ أعداد كبيرة من الأطفال السوريين/ات المعوزين/ات والمواجهين/ات لصعوبات اقتصادية [38] على المناطق السياحية الأنيقة سابقا في عاصمة لبنان [37]، فضلاً عن استيلاء نساء سوريات يتعرضن للاتجار بالبشر ويشاركن في عمل الجنس على أحياء كانت يومًا ما عائلية. [39] أظهرت مراجعة لمقالات الصحف المحلية التي تتناول الصحة الإنجابية للاجئات السوريات، أن المنشورات ركزت فقط على الحاجة إلى الحد من خصوبتهنّ ووقف الزواج المبكر وزيادة وصولهن إلى خدمات منع الحمل وبرامج التوعية بتنظيم الأسرة. [40]

في حين أنّ الدولة اللبنانية تؤيد خطاب السيطرة على السكان، فإنها تقصّر في الآن نفسه في توفير خدمات الصحة الإنجابية لهاته النساء السوريات. في الواقع، تصف دراسة عن حالة الصحة الإنجابية للاجئات السوريات في منطقة البقاع الغربي الصعوبات التي تواجهنها في الوصول إلى وسائل منع الحمل، مقارنةً بالمدّ المجاني الذي اعتدن عليه في سوريا. [41] تواجه اللاجئات السوريات، في البقاع الغربي [41] ومناطق أخرى في لبنان [23]، العديد من الصعوبات في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية بسبب الخصخصة وارتفاع تكلفة الخدمات الصحية في لبنان وتكاليف النقل وعدم توفر وسائل منع الحمل التّي يحبّذنها. علاوة على ذلك، فإن وسائل منع الحمل التي تقدمها وكالات المعونة الإنسانية والمنظمات غير الحكومية تنفد بسرعة في أغلب الأحيان. [41] بصرف النظر عن مدى توفر خدمات الرعاية الصحية الإنجابية وإمكانية الوصول إليها، ذكرت اللاجئات السوريات أيضًا أنهن مثبطات من البحث عن مثل هذه الخدمات بسبب المعاملة التمييزية لمقدمي الرعاية الصحية، فضلاً عن عدم وجود مقدّمات الرعاية الصحية النّساء. [41،23] في الأثناء، ينعدم الاهتمام بكشف وفهم أسباب إنجاب اللاجئات المزيد من الأطفال؛ سواء كان الضغط الاجتماعي الذي يشعرن به ليحلّ أطفالهنّ محلّ أولئك المفقودين في الصراع، أو كون المزيد من الأطفال يزيد من دخل الأسرة في نهاية المطاف، أو الاعتقاد بأن هناك فرصة أفضل لإعادة التوطين أو الحصول على الخدمات والمساعدات مع عائلة أكبر، أو ببساطة أن حيواتهنّ ورغبتهنّ في تكوين وتربية أسرة لا تتوقف مع الصراع واللجوء. [41،23]

تتبنى الدولة سرديّة اختزالية كارهة للأجانب، وتنشرها. فترسم صورة نساء متهورات ومهملات، ممارسات للجنس دون قيد أو شرط، غير أخلاقيات وغير قادرات على تقدير أفعالهن، بل مكسورات وقد سقطن بعيدًا عن فضيلة الأمومة. ومع هذه الصورة، تتابع الدولة إهمالها لاحتياجات اللاجئات السوريات وظروفهنّ، وتفصلهنّ عن الصحة الجنسية والإنجابية. مع استمرار الدولة المضيفة وأحزابها السياسية في نشر مثل هذا الخطاب، يبقى تأثيره موجودا بوضوح في القرارات الإنجابية للاجئات السوريات وفي إمكانية حصولهن على الرعاية، وفي كيفية استمرار مقدمي الرعاية الصحية وملّاك العقارات وأصحاب العمل وعمال الإغاثة والمجتمع المضيف في إساءة معاملة هاته النساء. [23] يتمّ خلق شعور لدى اللاجئات السوريات والأمهات السوريات وخاصة النساء السوريات الحوامل بعدم التحضر فيما يتعلق بعدد أطفالهنّ. كما يواجه أطفالهن التّنمر والعنف بينما تواجه الأمهات عنفًا لفظيًا وجنسيًا. لا يتم الإبلاغ عن العنف الذي تختبره هاته النساء، إذ تخشى الكثيرات من أنّ التحقيق مع شركائهنّ سيفضح وضعهم "القانوني"، وبالتالي يضعهم سويّة تحت خطر السجن والترحيل. [23]

النساء المهاجرات

لا يشبه الخوف الديموغرافي من القدرة الانجابية للمهاجرات، ولا سيما عاملات المنزل المهاجرات، التخوفات المذكورة سابقًا. ذلك لأن المهاجرات ينتمين إلى بلدان متعددة ذات توترات سياسية مختلفة مع لبنان. إن توصيف الأمهات المهاجرات بأنهن أمهات منحرفات غالبا ما يدور حول كونهنّ من بلدان منخفضة الدخل، أو سوداوات أو بنيّات، أو من أصول شرق/ جنوب-شرق آسيوية. إن تجريد النّساء المهاجرات من إنسانيتهنّ إيمانًا بأنهنّ تختلفن اختلافًا جوهريًا عن اللبنانيات في الثقافة والفكر والقيم الاجتماعية أمر مصيريّ نظرا لتناسبه وظروف العمل اللاإنسانية التّي تجد هاته النّساء أنفسهنّ فيها. يحكم نظام الكفالة إقامة عاملات المنازل المهاجرات ويربط شرعيّتهنّ في لبنان بوضع أصحاب العمل القانوني باعتبارهم مواطنين. لا يلتزم نظام الكفالة بقانون العمل اللبناني [42]، فهو يسمح بمرتبات أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور، ولا يضمن حماية حقوق العمل الأساسية (أيام عطلة نهاية الأسبوع أو أيام العطل، ساعات العمل، توفير السكن المناسب). هذا النظام يعرض العاملات المنزليات المهاجرات لأهواء كفيلهنّ/ صاحب العمل، بفرضه القيود والعوائق على جميع جوانب حياتهنّ. يُنظر إلى المهاجرات بشكل أساسي على أنهن عاملات لا يجب أن يكون لديهن مصالح شخصية أخرى إلى جانب عملهن. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن حوالي 15000 طفل من عاملات المنازل يعيشون في لبنان. إن حالات الحمل المحظورة هذه، سواء كانت نتيجة للاغتصاب أم لا، تؤدي إلى ترك العاملات البيوت التي يعملن فيها، وتجعلهنّ، بالتّالي، في حالة خرق للعقد؛ وهي حالة تزيد من حالة انعدام الأمان  لكل من الأم والطفل. [43]

في آب / أغسطس 2018 ، أثار الوفاة الغامض لـ لمبيبو، وهي عاملة منازل إثيوبية اشتغلت في جنوب لبنان، غضب وسائل الإعلام والناشطين/ات. اكتشف أرباب عمل لمبيبو حملها قبل شهر واحد من موعد المخاض، وتوفيت ابنتها بعد ساعتين فقط من ولادتها، وبعد أيام قليلة، تمّ اكتشاف جثة لمبيبو المتوفاة في حوض السباحة في المنزل الذي كانت تعمل فيه. إلى حدّ الآن، لم يتمّ تقديم تفسير طبيّ لأيّ من الوفاتين. [44] كما أنّ الظروف المحيطة بكيفية حمل لمبيبو وهوّية الأب البيولوجي بقيت غير معروفة أيضًا. مثلما هو الحال مع العديد من عاملات المنازل الأخريات، واجهت ليمبيبو عنفًا جسديًا ولفظيًا في العمل، حتى أن أصحاب عملها قالوا، بطريقة عرضيّة، أنهم اضطروا للاتصال بوكالة التوظيف لأنهم لم يتمكنوا من فهم سبب عدم عودة ليمبيبو إلى العمل بعد وفاة مولودتها. [44] إن فكرة أن عاملات المنازل المهاجرات قد تكنّ راغبات في حياة شخصية خارج العمل مرفوضة اجتماعيًا وحكوميًا، بل وتثير المخاوف الديموغرافية والهلع الأخلاقي على حد سواء. تهدف القيود المفروضة على حرية حركة عاملات المنازل المهاجرات إلى تقليص العلاقات الأسرية أو الحميمة، وتقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل والإجهاض وما قبل الولادة والتوليد في حالات الطوارئ وخدمات رعاية الولادة، بشكل غير ملتبس. [43] ثبت إحساس الدولة اللبنانية بتهديد العلاقات الجنسية أو الحميمة أو العائلية لعاملات المنازل المهاجرات، عندما اقترحت مذكرة أعدتها الإدارة العامة للأمن العام إلى وزارة العدل في عام 2015، تعهّد الكفلاء بمنع موظفاتهم من ممارسة الأنشطة الجنسية وإلا ستواجه العاملات الاعتقال والترحيل. [45] وفقًا لتقريري هيومن رايتس ووتش لعامي 2014 و 2016، تمّ احتجاز وترحيل عاملات المنازل المهاجرات اللّواتي أنجبن أطفالاً في لبنان، ورُفضت طلباتهنّ بتجديد تصاريح الإقامة. [46] وردت إجابة مديرية الأمن العام اللبناني لهذا النّقد بقولها إنها لم تمنع أبدًا العاملات الراغبات في إحضار أطفالهنّ معهنّ من دخول الحدود (وهو حدث غير مسبوق)، لكنّ ولادتهنّ لطفل في لبنان "صعبة التحقيق دون انتهاك العديد من القوانين والمراسيم". [46]

الخوف من تغيّر القيم الأخلاقيّة

من أجل تبرير تكثيفها للسيطرة الاجتماعية، تحتاج الدول إلى زعم وجود تهديد أمني وشيك قد يطال العموم. [47] على التّهديد المزعوم أن يكون كبيرا بحيث يشكل خطراً على وجود السكان والمعايير الأخلاقية والقيم الاجتماعية القائمة. تُرسم النساء والأمهات غير المعياريات، والتشكيلات العائلية والتوجهات الجنسية والهويات والتعبيرات الجندرية المتنوّعة كنوع من الفوضى من خلال موظفي/ات الدولة، باعتبار أنّ هذه الاختلافات تهدّد نسيج النظامين العام والقانوني. من خلال نشر حالة من الهلع الأخلاقي، يبرر المسؤولون الحكوميون والدينيون عمليات اعتقال واحتجاز الأشخاص غير المعياريين/ات وغير المطابقين/ات للبناء المجتمعي السائد، من خلال ربطهم/نّ بالرّذيلة والجريمة التّي قد تطال ضحايا أبرياء.[48] بينما تبنّت قوات الأمن الداخلي في لبنان ظهورًا عالميًا خيّرا وخطابًا عصريًا، في تلبية لاحتياجات الطبقة الوسطى والوسطى العليا، لم تتوانى عن انجاز الغارات والاعتقالات والاحتجازات [49] بشكل مستمر، فقد قيدت الرجال والنساء والأشخاص غير الممتثلين/ات جندريّا ومن توجهات أو تعبيرات جنسانية غير نمطيّة من امكانيّة التّحرك الحرّ والوجود داخل المجال الاجتماعي والقدرة على تكوين عائلات.

     النساء غير المتزوجات، الكويريّات، أو المثليّات

لا يتم إضفاء الشرعية الاجتماعية ولا اعتراف الدّولة بالأمومة إلّا من خلال الزواج، وفقط للنّساء غيريّات الميول الجنسيّة. مجرّد القدرة الإنجابية على إنجاب الأطفال ليست كافية؛ بل يجب على النّساء اللبنانيات الصالحات الرّاغبات بالتأكيد أن يكنّ أمهات صالحات، أن يسعين إلى الزّواج من رجال لبنانيين من نفس الطائفة والعرق والطبقة، وألّا يكون لديهنّ أطفال غير شرعيّون. وفقًا لقوانين الأحوال الشخصية، تختلف تجارب النّساء اللبنانيات في الأمور القانونية المتعلقة بالزواج والميراث والطلاق والحضانة وفقًا لطائفتهنّ، لكنهنّ متحدات وفقًا لواقع القانون المنسوب لخطّ الأبوّة عند زواجهنّ، إذ يتمّ شطبهنّ من الأحوال الشخصية لأبائهنّ، أي من سجلّ نفوسهم، ويتمّ نقلهنّ إلى سجلّ أزواجهنّ. ومع ذلك، توجد ثغرة قانونية تسمح للأمهات اللبنانيات غير المتزوجات بتسجيل أطفالهن تحت اسم عائلتهنّ ومذهبها (أي في تبعيّة لنسب خطّ الأبوة). [50] ومع وجود هذا الاستثناء، فإن تداعياته تتمثّلّ في اعتبار هاته الأمهات "سيّئات" – إذ أنّهن نساء فشلن في الأمومة عنوة عن طريق ولادتهنّ لأطفال سيواجهون التمييز في العمل والمجتمع. على سبيل المثال، في التعديلات التي سبق ذكرها في قانون الجنسية، ذكر الوزير باسيل أن نقل الأم للجنسية إلى طفل خارج إطار الزواج هو تمييز "غريب وغير مقبول" ضد الأمهات اللبنانيات المتزوجات من أجانب، لأن الأخيرات يُمنعن قانونًا من نقل جنسيتهنّ إلى أطفالهنّ "الشرعيين"، على عكس نظيراتهنّ. [15] حتى بالنسبة لسياسيّ يميني قوميّ، تركّز معايير شرعية الأمومة المحترمة أساسًا على حالة الزواج قبل جنسية الزوج.

على الرغم من الثغرة القانونية، تتعرّض النساء اللبنانيات من جميع الميول الجنسية إلى التّعييب والعقاب على اختيارهن المتعمّد لعدم دخول مؤسسة الزواج المنظمة من قبل الدّولة والطائفة. يعتبر تشويه وتغييب وجود النساء الكويريّات  والمثليات من الناحية التاريخية ممارسة لحتميّة الغيرية الجنسيّة [9]، وهي ممارسة تضطلع فيها الدولة اللبنانية من خلال جعل النساء يعتمدن على الرّجال اجتماعيًا، قانونيًا، واقتصاديًا في كثير من الأحيان، مما يجبرهنّ على تجاهل انجذاباتهنّ الجنسية ورغباتهنّ، ويقيّد إنجابيّتهنّ ومسارات تكوين الأسرة بحدود الزيجات غيريّة الجنس. بالإضافة إلى ذلك، تحت ضغوط "الشرف" والاحترامية التي تقيّم العذرية غاليا من أجل الزواج، يُتوقع من النساء غير المتزوجات واللواتي يمارسن الجنس الايلاجي أن يجهضن الحمل حتى لا يجلبن العار لعائلاتهن. في حين أن الإجهاض في لبنان يُجرَّم في كلّ الأحوال باستثناء ضرورة إنقاذ حياة المرأة، يُترك لنا أن نتساءل عما إذا كان هدف عدم تنفيذ هذه القوانين الجزائية بصرامة هو الحفاظ على قدسية إنجاب الأطفال في إطار الزواج وتجنب حدوث زيادة في الولادات غير المشروعة.

     الأشخاص غير الممتثلون/ات جندريّا وذوو/ات ملامح الجنسين

أوضحت الدولة اللبنانية أنها لا تحترم حقوق الإنسان الأساسية للأشخاص غير الممتثلين/ات جندريّا وذوي/ات ملامح الجنسين، وبالتأكيد لا تحترم خياراتهم/نّ الإنجابية. إلى اليوم، لا توجد مجموعات منظّمة للأشخاص ذوي/ات ملامح الجنسين في لبنان من أجل الدفاع عن حقوقهم/نّ، لكن في عام 2014، وُجّهت تهم بموجب المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني التي تحظر ممارسة الجنس "المخالف للطبيعة" إلى شخص لديه "أعضاء تناسلية مبهمة". على الرغم من إلغاء التهم الموجهة إلى المدّعى عليه وإسقاطها [51] ، يبقى السؤال: كم من الأشخاص الذين/اللواتي ولدوا/ن بـ"أعضاء تناسلية مبهمة" في لبنان تمّ "تصحيحهم/نّ" طبياً من أجل تجنيب الدولة من معالجة القصور الذي تفرضه في وثائق تسجيل الولادة؟ أو من أجل تجنّب الاضطرار إلى طرح أسئلة صعبة عن الجنس والجندر؟ تتجاهل التدخلات الطبية المبكرة على الأجساد اليافعة والمتمتّعة بالصحة وغير الممتثلة لثنائية الجنس، بشكل صارخ، موافقة الشخص المعني/ة على ما إذا كان/ت يرغب في إجراء عملية جراحية كبيرة قد تؤثر على خصوبته/ا وتطابق هويته/ا الجندرية. تتجاهل هذه التدخلات قرار الشخص في تكوين أسرة بيولوجية، وتعتبر تصنيف الجندر في المجتمع أكثر أهمية من الاستقلاليّة الجسدية للأشخاص المعنيين.

وبالمثل، فإن الأشخاص غير الممتثلين/ات جندريّا والراغبين/ات في تغيير المعلومات تحت خانة الجنس لدى الولادة في الوثائق الثبوتية، يحتاجون أيضًا إلى تقديم تنازلات بشأن استقلاليتهم/نّ الإنجابية، إذا أرادوا الاعتراف القانونيّ بهم/نّ ضمن جندرهم/نّ. إذا نجح تغيير الجنس في مستندات التسجيل، يتمّ تأطيره بواسطة المحاكم كخطأ كتابي سابق يحتاج إلى تصحيح، لا كتأكيد واعتراف بوجود أشخاص غير ممتثلين/ات جندرياً. [52] متجاهلة حق أي شخص غير ممتثل/ة جندريّا في اختيار ما إذا كان/ت يـ/ترغب في الخضوع للعلاجات الجراحية المؤكدة للجندر وأيّ منها، تتطلّب المحاكم انتقالًا قانونيًا مكلفًا واجتماعيًا طويلًا حتى تتفكّر في الاعتراف بالخطأ الكتابي المزعوم في المقام الأول. [52] يجب على الأشخاص غير الممتثلين/ات جندريّا أن يكونوا/نّ على علم بأن هذه العملية القانونية الصعبة تؤدي حتماً إلى العقم، وأنه قبل أي تدخل طبيّ جراحيّ، بإمكانهم/نّ الاستفادة من التطورات في التكنولوجيا الإنجابية وتوسيع خياراتهم/نّ الإنجابية. إن التهديد الذي يشكله الأشخاص غير الممتثلون/ات جندريّا لقانون الأحوال الشخصية التّابع لخطّ الأبوّة خطير لدرجة أن حالات التغيير الجنسي التي استأنفت بنجاح في وثائق تسجيل الولادة، كانت فقط من جانب أشخاص غير ممتثلين/ات جندريّا لا أطفال لهم/نّ أو لم يتزوجوا/ن قط. [52] في الحقيقة، القيود القانونية والطبية على خصوبة الأشخاص غير الممتثلين/ات جندريّا هي عبارة عن الخوف من حدوث تحول في القيم الأخلاقية، فهي تحظر الاحتمال الواقعيّ للغاية في نظر القانون: أن رجلا (عابرا) قد أنجب طفلاً وكان متزوجًا من رجل آخر، وأن امرأة (عابرة) تزوجت من امرأة وأنجبت معها طفلاً بيولوجياً.

الخلاصة

تقوم الدولة اللبنانية من خلال أجهزتها الأمنية والقانونية والسجنية والإعلامية، يوميًا، بإبلاغ النساء والأشخاص غير الممتثلين/ات جندريّا وحاملي/ات ملامح الجنسين، أن قدراتهم/نّ الإنجابية ليست تحت تصرفهم/نّ. إذ تعدّ القيم الأخلاقية المرتبطة بالأمومة الصالحة ضرورية لإنتاج سكان جيّدي "النوعيّة" ولبناء دولة قومية، وذلك من خلال التخلص من الأمومة غير المرغوب فيها والمتعلقة بالنساء المهاجرات من الطبقة العاملة وعاملات المنازل المهاجرات، والنساء اللواتي يلتمسن اللجوء، وذوات الجنسانيّات أو الجندر أو الحالات العائلية غير المعياريّة. يتم تطبيق العقوبات القانونية والاجتماعية والاقتصادية والطبية كأدوات تستخدمها الدّولة للقمع الإنجابي. استنادا على هذه الحيثيات، توجد حاجة إلى البحث النّوعي من أجل استكشاف سرديات من الأشخاص اللواتي اضطررن إلى التفاوض بشأن إنجاب أطفال من عدمه مقابل التحرر من اضطهاد الدولة. إن توثيق المستويات الإضافية من هشاشة وضع الأمان المادي والمعنوي التي تلحق بالنساء المهاجرات اللواتي أنجبن أطفالاً على الأراضي اللبنانية، هو طبقة إضافيّة للمحاججة ضدّ نظام الكفالة، من أجل احترام الحقوق الجسدية واكتمال صحة النساء الانجابية وحقوقها. علاوة على ذلك، من أجل الاستجابة لحاجيات اللاجئات من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الواقعة تحت نقص التمويل وتخفيضه، يجب على الدولة اللبنانية تخصيص موارد لدعم وصول النساء إلى خدمات الصحة الإنجابية الشاملة، ذات أسعار معقولة ومناسبة ولا تتبنّى النظرة الواصمة والحكميّة. يجب أن يتحدّى السياسيون/ات والأكاديميون/ات والصحفيون/ات والناشطون/ات على حد سواء الخطاب الإعلامي المغذي للتوترات بين اللاجئين/ات والمجتمعات المضيفة باستخدامه لخيارات النّساء الإنجابية كشمّاعة لإلقاء اللوم. أخيرًا، يجب على لبنان إلغاء القوانين التمييزية التي تمنع النّساء اللبنانيات من نقل جنسيتهنّ إلى أطفالهنّ وأزواجهنّ، ويجب أن يصبح من الدول الموقعة على كل من اتفاقية اللاجئين/ات لعام 1951 واتفاقية منظمة العمل الدولية لعام 2011 كخطوة في الاتجاه الصحيح، للوفاء بواجبه في حماية رفاهية اللاجئات والمهاجرات المقيمات في لبنان. يجب مواجهة الخطاب السياسي المهمّش والتمييزي الموصوف في هذه الورقة البحثية على عدة مستويات  لأن تأثيره واضح في حياة ورفاهية وسلامة ووصوليّة النّساء والأشخاص غير الممتثلين جندريّا والأشخاص حاملي/ات ملامح الجنسين المقيمات/ين في لبنان إلى الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية.

 

المراجع:

[1] Rich A. Compulsory Heterosexuality and Lesbian Existence. Signs. 1980;5(4):631-660.  

[2] Rich A. Of Woman Born: Motherhood as Experience and Institution. New York: Norton; 1976. Chapter 1, Anger and tenderness; p. 21-40.

[3] Federici S. Wages against housework. London: Power of Women Collective; 1975. 

[4] Yuval-Davis N. Gender and Nation. London: SAGE Publications Ltd; 1997. Chapter 2, Women and the biological reproduction of the nation; p. 26-38.

[5] Lebanon: discriminatory nationality law. Human Rights Watch [internet]. 2018 Oct 3 [cited 2018 Oct 22;[about 19 screens]. Available from: https://www.hrw.org/news/2018/10/03/lebanon-discriminatory-nationality-…

[6] Azar G. FM Bassil calls for citizenship to those of Lebanese descent. Annahar [internet]. 2016 Aug 24 [cited 2018 Oct 19];Lebanon:[3 screens]. Available from: https://en.annahar.com/article/453962-fm-bassil-calls-for-citizenship-t…

[7] Caretaker FM opens Lebanese Diaspora Energy Conference in Brazil. The Daily Star [internet]. 2016 Nov 28 [cited 2018 Oct 19];Lebanon News:[about 2 screens]. Available from:  http://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2016/Nov-28/383200-careta…

[8] Maktabi R. The Lebanese Census of 1932 Revisited. Who Are the Lebanese? Br J of Middle East Stud. 1999;26(2):219-241.

[9] Census and Sensibility. The Economist [internet]. 2016 Nov 5 [cited 2018 Oct 22];Lebanon:[about 5 screens]. Available from: https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2016/11/05/census-and-….

[10] Frangieh, G. Manufacturing Precarious Nationality in Lebanon: The Naturalization Decree of 1994. Legal Agenda [internet]. 2016 Feb 8 [cited 2018 Oct 22];Articles:[9 screens]. Available from: http://legal-agenda.com/en/article.php?id=3124

[11] Siklawi R. The Dynamics of Palestinian Political Endurance in Lebanon. Middle East J. 2010;64(4):597-611.

[12] Thibaut J. Citizenship, migration, and confessional democracy in Lebanon. Middle East Law and Gov. 2014;6(3):250-271.

[13] Haboush J, Lakkis H. Backlash as Aoun signs off on naturalization of 375 people. The Daily Star [internet]. 2018 Jun 1 [cited 2018 Oct 22];Lebanon News:[3 screens]. Available from: https://www.dailystar.com.lb/News/Lebanon-News/2018/Jun-01/451568-backl…

[14] Lebanity.gov.lb [Internet]. Lebanon: Ministry of Foreign Affairs and Emigrants; 2017 [cited 2018 Oct 25]. Available from: http://www.lebanity.gov.lb/

[15] باسيل أعلن تقدمه للحكومة بمشروع قانون يجيز للمرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني حق منحها الجنسية لأولادها باستثناء دول الجوار . [Bassil announced presenting the government with a proposed law that allows Lebanese women married to non-Lebanese the right to pass on their nationality to their children with the exception of neighboring countries]. Al Tayyar [internet]. 2018 Mar 21 [cited 2018 Oct 18];News:[about 13 screens]. [Arabic] Available from:   https://www.tayyar.org/News/Lebanon/206654/%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%…

[16] Allaw S. حق اللبنانية بمنح جنسيتها في مشروع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة: للمواليد الجدد والقاصرين الجنسية وللراشدين غرين كارد فقط. [A Lebanese woman’s right to pass on her citizenship in the draft law ammendment by the National Commision for Lebanese Women: Newborns and minors get citzenship, but adults only get a green card]. Legal Agenda [internet]. 2019 May 24 [cited 2019 Jun 17];Articles:[3 screens]. [Arabic] Available from: https://www.legal-agenda.com/article.php?id=5597

[17] Lebanon: Data Contradicts Political Fearmongering. Human Rights Watch [internet]. 2018 Oct 30 [cited 2018 Oct 31]; [3 screens]. Available from:

https://www.hrw.org/news/2018/10/30/lebanon-data-contradicts-political-…

[18] Al-Nashef N, El-Khoury S. Palestinian employment in Lebanon - facts and challenges: labour force survey among Palestinian refugees living in camps and gatherings in Lebanon. Lebanon: International Labor Organization [internet]; 2014. Available from: http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/---arabstates/---ro-beirut/docu…

[19] Unequal and Unprotected: Women’s Rights under Lebanese Personal Status Laws. Human Rights Watch [internet].2015 Jan 19 [cited 2018 Oct 20]; [about 120 screens]. Available from: https://www.hrw.org/report/2015/01/19/unequal-and-unprotected/womens-ri…

[20] UNHCR Global Appeal 2014-2015: Lebanon. UNHCR [internet]. 2015 [cited 2019 Apr 2]; Global Appeals and Supplementary Appeals: [5 pages]. Available from: https://www.unhcr.org/528a0a2da.pdf

[21] Atallah S, Mahdi D. Law and Politics of Safe Zones and Forced Return to Syria: Refugee Politics in Lebanon. Lebanon: The Lebanese Center for Policy Studies [internet]; 2017 Oct. Available from: https://www.lcps-lebanon.org/publications/1515749841-lcps_report_-_onli…

[22] Lebanese Palestinian Dialogue Committee. رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان. [A unified lebanese vision on issues of Palestinian refuge in Lebanon]; [internet]; 2017 Jan. Arabic. http://www.lpdc.gov.lb/DocumentFiles/unified%20vision%20Ar%20online-636…

[23] Yasmine R, Moughalian C. Systemic violence against Syrian refugee women and the myth of effective intrapersonal interventions. Reprod Health Matters. 2016;24(47):27-35.
[24] Middle East Monitor. Aoun: UNRWA funding cut to settle refugees in Lebanon. 2018 Sep 10 [cited 2018 Oct 25];Asia and Americas:[2 screens]. Available from:

https://www.middleeastmonitor.com/20180910-aoun-unrwa-funding-cut-to-se…

[25] Spencer R A, Usta J, Essaid A, et al. Gender Based Violence Against Women and Girls Displaced by the Syrian Conflict in South Lebanon and North Jordan: Scope of Violence and Health Correlates. Alianza por la Solidaridad [internet]; 2015. Available from: https://www.alianzaporlasolidaridad.org/wp-content/uploads/GBV-Against-…

[26] Masterson A R, Usta J, Gupta, J, et al. Assessment of reproductive health and violence against women among displaced Syrians in Lebanon. BMC Womens Health. 2014;14(25):1-8.

[27] Samari G. Syrian refugee women’s health in Lebanon, Turkey, and Jordan and recommendations for improved practice. World Med. Health Policy. 2017;9(2):255-274.

[28] Seita A, Goldsmith A, Hababeh M, et al. Amid US funding cuts, UNRWA appeals for health and dignity of Palestinian refugees. The Lancet. 2018;391(10118):294-295.

[29] Ager A, Alameddine M, Witter S, et al. In support of UNRWA appeal for health and dignity of Palestinian refugees. The Lancet. 2018;391(10127):1260-1261. [30] Nazzal M. هل الإنجاب شرط لمنح الجنسية للزوجة الأجنبية؟. [Is Conception a Condition for the Provision of Nationality to a Foreign Wife?]. Al Akhbar[internet]. 2009 Aug 5 [cited 2018 Oct 22];Law:[3 screens]. Available from: https://al-akhbar.com/Archive_Justice/128708 

[31] Khawaja M. The Fertility of Palestinian Women in Gaza, the West Bank, Jordan and Lebanon.

Population (English edition). 2003;58(3):273-302.

[32] Palestinian Central Bureau of Statistics. Palestinians at the end of year 2006. Ramallah; 2006. Available from:  http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/end_year06e.pdf

[33] Pedersen J. Population Forecasts of Palestinian Refugees 2000-2020. In: Jacobsen L, editor. Finding Means: UNRWA’s financial crisis and refugee living conditions, Volume 1: Socio-economic situation of Palestinian refugees in Jordan, Lebanon, Syria, and the West Bank and Gaza Strip. Fafo. 2003;427(1): 219- 231.

[34] Khawaja M. Demographic Characteristics. In: Jacobsen L, editor. Finding Means: UNRWA’s financial crisis and refugee living conditions, Volume 1: Socio-economic situation of Palestinian refugees in Jordan, Lebanon, Syria, and the West Bank and Gaza Strip. Fafo. 2003;427(1): 20-55.

[35] Chit B, Nayel MA. Understanding racism against Syrian refugees in Lebanon. Civil Society Knowledge Center, Lebanon Support. 2013 Oct [internet]. Available from: http://cskc.daleel-madani.org/paper/understanding-racism-against-syrian…

[36] Cohen S. Folk devils and moral panics: the creation of the Mods and Rockers. New York: St. Martin’s Press; 1980.

[37] Hzouri H. الحمرا ما عادت لبنانية... التوسّع السوري غيّر هويّتها. [Hamra is no longer Lebanese... The Syrian expansion has changed its identity]. Annahar [internet]. 2015 Jan 6 [cited 2018 Oct 20];Local News:[4 screens]. Arabic. Available from: https://newspaper.annahar.com/article/203070-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D… 

[38] Ghoussaini N. Refugee children must beg for a living, but does giving money really help? Annahar [internet]. 2017 Jun 16 [cited 2018 Oct 25];Lebanon:[9 screens]. Available from:  https://en.annahar.com/article/602258-refugee-children-must-beg-for-a-l…

[39] Kullab S. Whether survival sex or prostitution, Syria’s poorest refugees face grim choices. The Daily Star [internet]. 2013 Jul 18 [cited 2018 Oct 25];Lebanon News:[7 screens]. Available from: http://www.dailystar.com.lb/News/Local-News/2013/Jul-17/223957-whether-…

[40] Abdelwahed I, Abla R, Afifi R. Recent News Coverage of Sexual and Reproductive Health in Lebanon. J of Middle East Women's Stud. 2018;14(3):390-393.

[41] Kabakian-Khasholian T, Mourtada R, Bashour H, et al. Perspectives of displaced Syrian women and service providers on fertility behaviour and available services in West Bekaa, Lebanon. Reprod Health Matters. 2017;25(sup1):75-86. [42] Pande A. “The Paper that you Have in Your Hand is My Freedom”: Migrant Domestic Work and the Sponsorship (Kafala) System in Lebanon. Intl Migr Rev. 2013; 47(2):414–441.

[43] Fernandez B. Health inequities faced by Ethiopian migrant domestic workers in Lebanon. Health & Place. 2018;50:154-161.

[44] Bou Moussa G. فيديو يوثق حالة العاملة الاثيوبية قبل وفاتها في النبطية يثير الشبهات و الطبيب الشرعي لم يصدر بعد [reportage]. [Video documenting the situation of an Ethiopian worker before her death in Nabatiyya raises suspicion, and no forensics yet]. AlJadeed [internet]. 2018 Aug 23 [cited Oct 27];News Reports:[1 screen]. 3 mins. Arabic. Available from: 

https://www.aljadeed.tv/arabic/news/news-reports/230820185?fbclid=IwAR1…

[45] Wansa S. أتعهد أنه ليس لعاملتي أي علاقة زواج أو ارتباط من أي نوع في لبنان. [I pledge that my migrant domestic worker does not have any marital relations or intimate ties of any kind in Lebanon]. Legal Agenda [internet]. 2015 May 11 [cited Oct 19];Articles: [2 screens]. Arabic. Available from:  http://legal-agenda.com/article.php?id=1098

[46] Lebanon: Migrant Domestic Workers with Children Deported. Human Rights Watch [internet]. 2017 Apr 25 [cited 2018 Oct 24]; [7 screens]. Available from: https://www.hrw.org/news/2017/04/25/lebanon-migrant-domestic-workers-ch…

[47] Tsoukala A. Democracy in the Light of Security: British and French Political Discourses on Domestic Counter-Terrorism Policies. Political Stud. 2006;54:607-627.

[48] Rubin G. Thinking Sex: Notes for a Radical Theory of the Politics of Sexuality. In: Parker R, Aggleton P, editors. Culture, Society and Sexuality: a reader. London: Routledge; 2007. p.143-178

[49] Saleh A, Qubaia A. Transwomen’s Navigation of Arrest and Detention in Beirut: A Case Study. Civ Society Rev. 2015;(1):109-119.

[50] Frontiers-Ruwad Association. Birth registration procedures in Lebanon: practical manual. Beirut; 2014. Available from: https://frontiersruwad.files.wordpress.com/2015/03/birth-registration-m…

[51] Makhlouf Y. Redefining “sexual intercourse contrary to nature”: a legal step in the right direction. Legal Agenda [internet]. 2014 Mar 10 [cited 2018 Oct 27];Articles:[about 5 screens]. Available from:  http://legal-agenda.com/en/article.php?id=594&folder=articles&lang=en#… 

[52] Makhlouf Y. قضاة الأساس يجتهدون: لمتخالطي الجنس: أن يصححوا قيد جنسهم في سجلات النفوس. [Judges set a precedent: Transexuals: May they correct their at-birth registered sex in personal status records]. Legal Agenda [internet]. 2011 Sep 26 [cited 2018 Oct 27];Articles:[6 screens]. [Arabic] Available from: http://www.legal-agenda.com/article.php?id=30&lang=ar#.UwybIfSSxn0

 

 

[1] تحظر قاعدة كمّ الأفواه العالمية، المعروفة بسياسة مكسيكو سيتي، المنظمات غير الحكومية الأجنبية التي تتلقى مساعدة صحية عالمية من الولايات المتحدة من تقديم خدمات الإجهاض القانونية أو الإحالات إليها، بينما تحظر في نفس الوقت الدعوة إلى إصلاح قانون الإجهاض، حتى لو تم ذلك عن طريق أموال المنظمات غير الحكومية الخاصة وغير الأمريكية. بشكل غير مباشر، تمنع قاعدة كمّ الأفواه العالميّة تمويل الخدمات المهمّة مثل وسائل منع الحمل وصحة الأم والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وعلاجه.