العلاقات وأنواعها

أن نكون في علاقة، قد يكون أحد أكثر التجارب لطافة وحماساً. إذا كنتم تحبون رفقة الشريك/ة، ولديكم نوع من العلاقة يعجبكما، قد تكون تلك العلاقة مصدر مساندة ودعم ودفء. لكن العلاقات تتطلب عملاً. قد تضطرون إلى التضحية والتفاوض على أمور معينة، أو قد ينتهي بكم الأمر تعيشيون روتين معيّن.

توجد موازين قوى في كل العلاقات الإنسانية، إن كانت علاقة صداقة، قرابة، عمل أو علاقة حب أو جنس. لذا، نرى أن بعض العوامل تجعل تلك الموازين أكثر وضوحاً، مثل العرق والعمر والجندر والطبقة وغيرها من الأمور.  وجود تلك الموازين ليس مشكلة بحد ذاتها، كونها مجرد إنعكاس للعالم الذي نعيش فيه ولعلاقات القوى والاضطهاد. لكن إستغلال تلك الموازين هو الذي يقلقنا، لهذا من المهم التأكد من أنها غير مستغلة من أجل مصلحة أحد ما.

يساعدنا النظر إلى كيفية التعامل مع تلك الموازين بمعرفة ما إذا كانت العلاقة "صحيّة" أم لا. الصحّي لي ليس بالضروري صحيّ لك، لذا من الأسهل التعرّف على غير الصحي في العلاقات، وأسهل لمن هم خارج العلاقة من من هم داخلها.

كيف تكون العلاقات الصحيّة؟

مجدداً، نعلم أنه ليس من الضروري أن تشبه العلاقات الصحية بعضها. لكن هناك بعض المؤشرات التي تدلّ على أنّ العلاقة هي مصدر سعادة وراحة بالنسبة لنا، والتي نقترحها كأساسيات لتخفيف مصادر القلق والاختلاف في العلاقة.

  • الاطمئنان على الشريك/ة كل فترة للتأكد من شعورهم الحالي والأسئلة التي تراودهم والهموم التي يحملونها، وإذا كان هناك ما يريدون الحديث عنه في العلاقة. يساعدنا ذلك على تخفيف حدة أي توتر يمكن أن يحصل، والتأكد أنّه لا يوجد حقد متراكم لا نتحدّث عنه.
  • تشجيع بعضنا البعض لاستكشاف الفرص المختلفة، إن كانت تدريباَ أو فرصة عمل أو منحة دراسية، أو بكل بساطة هواية لم تسنح لك الفرصة بمتابعتها، وذلك يساعدنا على الشعور بأن العلاقة لا تقف بيننا وبين التقدم والتعلم والنمو في الحياة. بالعكس، تعطينا المساحة لتنمية اهتماماتنا التي نحبها. لا يعني ذلك بالضرورة أنّه علينا نحن وشركائنا أن نكون على نفس درجة الطموح أو أن نضع لهم أهداف تناسبنا عليهم اتباعها. كما أنّ ذلك لا ينطبق عندما يكون الشريك(ة) يمرون بفترات إحباط أو قلق أو كآبة، لأن التشجيع سيتحول لضغط ومصدر إزعاج.
  • احترام حدود بعضنا البعض وحاجتنا للمساحة كل فترة، ومعرفة أنّه ليس من الضروري فعل كل الأمور سويّاً مع الشركاء. يساعدنا ذلك على اكتساب بعض الوقت كلّا عحده للتفكير والتأمّل بأفكارنا ومشاعرنا والأحداث المختلفة. تخصيص وقت لقضائه وحدك يساعد على التنفس وفهم نفسك بعيداً عن العلاقة. كما أنّه مهم أن نعلم أن شكل مشاركة المساحة والوقت يختلف من علاقة لعلاقة. بعض العلاقات تنجح أكثر مثلا من خلال العيش سوياً و/أو مشاركة غرفة النوم و/أو العمل في نفس المساحات. البعض الآخر يناسبه أكثر أن يكون هناك استقلال أكثر في المساحات والوقت، فلا يعيش الشريكين (أو أكثر) سوياّ، أو لكل منهم غرفة مختلفة. فكرة أن الشركاء عليهم أن يعيشوا سوياً قد تكون منطقية أكثر لأسباب مادية أو عائلية، لكنها ليست دائما مناسبة؟
  • التواصل بشكل واضح بين الشركاء حول ما نشعر به أو ما نتفق ولا نتفق عليه أو ما يجب تغييره مهم جداً. علينا ألّا نخمن ما يفكر فيه الشخص الآخر لأن ذلك غالبا ما يؤذي علاقاتنا مع الآخرين، وذلك مهم في كل المواضيع، من الجنس والاهتمام، إلى الممارسات اليومية والعادات. يساعدنا التواصل على رؤية الأمور بوضوح أكثر.

العلاقات الجيدة لا تقتصر عتلك المؤشرات لكنها مجرد اقتراحات نراها في أغلب العلاقات المحبة. لكن ما يجعلنا نشعر بالآمان والحب هو غالباً المؤشر الأفضل لنا.

كيف أعرف إذا كانت علاقتي غير صحيّة؟

الصورة التالية توضح بعض التصرفات التي تشكل عادات نراها في الشركاء المعنفين، وهي ما يسمى بالإشارات الحمراء. عادةً ما يكون من السهل أكثر أن يرى الآخرين الإشارات الحمراء في علاقاتنا، كأصدقائنا أو أفراد عائلاتنا أو الأشخاص الذين يعيشون ويعملون في محيطنا. بالرغم من أنّ أغلب العلاقات تدور بشكل خاص بين الشركاء ولا يمكن أن يراها الآخرين، لكن بعض الممارسات المتكررة يسهل التعرف عليها من قبل الآخرين، خاصة إذا كنا نذكرها أمامهم أو تحدث في المجال العام على العلن.

بينما تلك المعلى سبيل المثال، قد تكون بعض الممارسات المؤذية في علاقة صديقتك واضحة بالنسبة لك، هناك عدد أسباب قد تجعلها أقل وضوحاً لصديقتك من داخل العلاقة. يعتمد استمرار العلاقات المعنفة على السيطرة على أصعد مختلفة، كالسيطرة الاقتصادية والسياسية والنفسية والعاطفية والاجتماعية. ربما تتعرض صديقتك لضغط عاطفي ونفسي، بالإضافة للتكذيب والاستخفاف والتلاعب، مما يجعله من الصعب لها أن ترى الأمور بنفس الوضوح أو أن تتخيل الاحتمالات المتوفرة. مشاركة منزل أو أطفال أو أسلوب حياة معين قد يجعله من الصعب على الأشخاص أن يتركوا علاقات يعتمدون عليها في حياتهم اليومية للنجاة. التعرف على تلك الممارسات المؤذية وتعريف أصدائقنا عليها هو مجرد الخطوة الأولى. يأتي بعدها التفكير بما يناسبك أو يناسب صديقتك في علاقة معينة من خيارات: الرحيل؟ الإنفصال؟ الطلاق؟ البقاء لوقت معين حتى تدبير خطة آمنة؟ الذهاب لجلسات معالجة مع الشريك(ة)... إلخ. هناك العديد من المصادر التي قد تساعد بالنظر للاحتمالات. كما يمكنك التواصل مع خطنا الساخن للجنسانية (76680620) لنفكر سويا بالخيارات، أو للاستفادة من إحالة معينة في الحالات الطارئة.

هل العنف بين الشركاء موجود بشكل أقل في العلاقات الكويرية والمثلية؟

هناك معلومة مغلوطة منتشرة تفترض أن العلاقات العنيفة أو السيئة موجودة فقط بين رجل وامرأة، وأنّ العنف لا يظهر إلا عندما تكون تلك الموازين الجندرية موجودة. قد يكون ذلك بسبب كون أغلب الأمثلة التي نعرفها عن العلاقات هي علاقات غيرية (أي غير مثلية)، وأنّ تمظهرات العنف في الثقافة غالباً ما تكون من قبل رجال وعلى أجساد نساء. قد يدعم ذلك الافتراض أيضاً بعض أفكار النسويات الراديكاليات من السبعينات واللواتي حددن العنف في الرجولة، وافترضن أنّ العلاقات الغيرية هي عنيفة بالجوهر، وبالتالي التحرر من العنف الأبوي يكون من خلال العلاقات المثلية. مع أنّ تلك الأفكار ساهمت في إعطاء تغطية أكثر للعلاقات العنيفة والعنف بين الشركاء كقضية مهمة وأساسية، لكننا اليوم نعلم بشكل واضح أن العلاقات المثلية ليست معفية من العنف.

تحديد العنف بأنه شيء مرتبط بالرجولة أو الهورمونات الذكورية كالتستسترون يمحي مسؤولية وقدرة الأشخاص المعنفين على أخذ قرارات غير عنيفة. كما أن ذلك يشخص العنف كمرض بدلاً من التعامل معه كمشكلة اجتماعية. يتأثر كلّاً من العنف والأذي باستغلال موازين القوى، وتطبيع فكرة أن الرجال هم المعنفين يعود لأنه في أغلب الأحيان، الرجل يقبع في أعلى هرمية موازين القوى. إذا تحركت تلك الموازين لصالح أحد غير الرجل في علاقة معينة، فيمكن استخدامها من قبلهم لممارسة العنف في تلك الحالة. هذا هو بالضبط ما يحدث في العلاقات الكويرية والمثلية، والتي بالرغم من عدم أن العلاقات ليست بين رجل وامرأة مطابقي الجنس كالعادة، لكنها تحوى موازين قوى يمكن استغلالها. في الحقيقة، هناك 3 أسباب رئيسية تجعل من العنف بين الشركاء في العلاقات الكويرية والمثلية أكثر صعوبة: 1) تلك العلاقات غالباً ما تكون مجرمة ومشيطنة، فيخاف المجتمع الكويري من إضافة وصمة أخرى على المجتمع من خلال الاعتراف بالعنف، 2) بما أن تلك العلاقات أغلبها غير شرعية، يصبح من الصعب على الآخرين فهم بقاء أحد الأشخاص في علاقة سامّة، أو تحملهم عنف شخص آخر بينما لا يوجد من قانون أو عقد يجمعهم، و3) خاصة في حالة العلاقات بين النساء، تطبيع العنف كشيء رجولي يجعله من الصعب تخيل امرأة في موقع المعنفة لامرأة أخرى. في الحقيقة، الاحصائيات تخبرنا أن العنف بين الشركاء الكويريين والمثليين بنفس نسبة، وأحياناً أعلى نسبة، من تلك بين الشركاء الغيرين أو السترايت.

ما الذي يعنيه أن نكون غير أحاديين؟

اللا أحادية هي عندما يتفق شريكين أو أكثر على تشكيل علاقتهم على شكل غير مختلف عن العلاقات الأحادية أو المحصورة بشريكين. وهي مصطلح واسع وفضفاض بعض الشيء، يتم تحديده أكثر حسب رغبات وأماني وحدود الشركاء.

إذا كنتم في علاقة وترغبون بأن لا تكون أحادية، أول خطوة هي التحدّث مع الشريك/ة بالأمر وإيصال ما ترغبون به بوضوح. قد تكون علاقتكم مفتوحة، فتواعدون أشخاص آخرين لأسباب جنسية أو رومنسية. عليكما أن تضعوا الشروط المختلفة التي تجعلكما تشعران بالراحة والأمان، وقد ينتهي بكم الأمر وأنتم تتحدّون بعض تلك الحدود التي وضعتموها في بداية العلاقة. تماماً مثل العلاقة الأحادية، تتطلب العلاقة المفتوحة التواصل الواضح والعمل، وإلّا فقد تواجهات إساءات في الفهم ومشاعر مجروحة وحقد.

العلاقة غير الأحادية ممكن أن تكون بين أكثر من شريكين أيضاً. قد تكون علاقة تعددية بين ثلاث أشخاص أو أكثر. قد يكون بعض الشركاء أساسيين، وقد لا يكون هناك شركاء أساسيين أبداً. المهم هو توضيح الحدود وإيصال الرغبات.

في حال أراد أحد الشريكين علاقة مفتوحة، والآخر لم يردها، يجب أن يكون هناك حديث مفتوح عن الموضوع لوضع الأولويات في العلاقة، كي نعرف إذا ما سيكون هناك تفاوضاً أو تضحية ما أو أي تغيير. خيانة الشريك/ة دون معرفتهم بذلك لا يعني أنّ العلاقة مفتوحة. أمّا عن مفهوم الخيانة، فهو يتغير إذا كانت العلاقة مفتوحة، فيصبح مرتبط أكثر بخيانة القواعد والحدود الموضوع من قبل الشركاء.

إذا كنتم تفكرون بالموضوع، إذا كنتم خائفين من الفكرة وراغبين بتجربتها، أو إذا كنتم تعانون مع مشاعر الغيرة، ليس هنالك ما يدعو للإحراج. كلّها مشاعر طبيعية ويشاركها العديد، والتحدّث والإفصاح عنها يستدعي عملاً شاقّاً أحياناً. يمكنكم التحدث مع أحد مرشداتنا على الخط الساخن على 76680620، أو إلقاء نظرة على الآداب والتجارب المختلفة للعلاقات غير الأحادية للتعلم منها. سيفاجئكم كم اختلاف وتشابه تجاربنا تلك.