تنظيم مجتمع الميم ما ببشِّر بالخير.

كان ع بالي اكتب مقدمة واسعة عن سبب كتابتي لهذا المقال. لكن بصراحة ما في وقت كافي تكون شاعريّة. ولأكون صريحة، فأنا مش مهتمّة حقًا بكتابة مقدمة فيها جماليّات النشاط المدني والتي تبدو صحيحة فقط لأنها جافة شويّ، فيها كلمات كبيرة، وباردة نوعا ما (مع لمحة من الشغف)، وكتير محسوبة لكي لا تؤذي حدا. في حين أننا لا نمتلك الأموال اللازمة لإنشاء حملات ملفتة وصاخبة، يمكننا محاولة الكتابة. نأمل أنّو كتاباتنا تكون مقنعة. وإذا ما كانت مقنعة - ما كانت - بس نحن منشعر أننا يجب أن نرفع مستوى هذه المحادثة قليلا.

تنختصر قصّة طويلة، بعض المنظمات غير الحكومية والمنافذ الإخبارية الدولية ودوائر الإعلام الاجتماعي الصغيرة، عملوا قضية من التصويت اليوم للمرشحين/ات  "المؤيّدين/ات لمجتمع الميم". أنا بصدق لا أعتقد أنّ هذا هو الشيء الصّح ويلّي لازم نعمله، ولا أقول أنه ليس صحيحًا لأنني قلقة بشأن نتيجة الانتخابات أو لأنّ هذه الانتخابات ستبقي الأحزاب السياسية اللبنانية الطائفية العنيفة سابقا وحالياً في السلطة. لست ساذجة بما يكفي لأن أؤمن بأنّ الكويريين/ات يلّي يمكنهم/نّ التصويت رح يصوتوا للفاشية في السلطة، أو أن هذه الأصوات ستؤثر في الانتخابات. طبعاً لن تفعل. ولكن هذا هو ما ستفعله مثل هذه الأصوات. ستعني أنّ التنظيم الكويريّ يتم توجيهه إلى اتجاه حزين، وحيد، أناني، عنصري، طبقي، كاره العابرين/ات جندريّا، ومميّز على أساس الجنس والجندر. بس ع القليلة شلنا 534، ما هيك؟ طيّب، هذا السؤال استهزائي، بس خلونا نتوقف شوي ونطرحه عنجد، ولنبدأ من هذا المكان الصغير الوحيد والمحزن. هل يقوم الناس بالتصويت لإلغاء 534 اليوم؟ لا، مش مضبوط. هل ي/تقدم السياسيون/ات وعودا خلال موسم الانتخابات للحصول على الأصوات، وبيخلفوا هذه الوعود؟ ايه، صح. كل يوم في الواقع، وفي جميع أنحاء العالم. ربما لأننا لم نجر انتخابات منذ فترة طويلة، فقد نسينا كيف تسير الأمور. لكن في الحقيقة لا ي/توجد مرشحون/ات ملزمون/ات قانونيّا بالوعود الانتخابية. هي كلمات. إنها تصرفات بعض المرشحين/ات التي قد تعطينا الأمل في إجراء تغييرات إيجابية، والسبب الوحيد الذي يجعلنا نحصل على بعض الأمل ليس الكلمات، بل أفعالهم. شفنا بعض المرشحين/ات عم يشتغلوا على أمور قريبة من قلوبنا، ونحن نجرؤ على الأمل في أنهم/نّ رح يواصلوا في ذلك إذا ما تم انتخابهم/نّ في منصب السلطة.

هناك العديد من المرشحين/ات، البعض جيد، والبعض عظيم، والبعض بخرِّي، وايدين البعض ملطّخة بالدم ، وايدين البعض ملطخة بالدم ومصارياتكن في جيوبهم، والبعض ايديه ملطخة بالدم، ولكن دم الناس يلّي هم دمهم/ن ما مُثمَّن غالي، - وخلطة مشكَّلة من هؤلاء الناس تقول بإنهم/ن يدعمون حقوق المثلية، أو أنهم/نّ "ما عندهم/ن مشكلة مع الأشخاص المثليين"، أو أنهم/ن بيحبّوا الأشخاص المثليين لأن كلّ الأشخاص المثليين روعة، أو إنّه يحقّ للناس تعيش مثل ما بدّها طالما ما بتؤذي حدا. وقد تحول هذا بطريقة ما إلى أنّو هيدي النّاس بتدعم "حقوق مجتمع الميم". وبدوره، قد ترجم ذلك إلى أنّ التحرر الجنسي قادم. وهيك حسّ بعض المرشحين/ات بضرورة إنهم/ن يقولوا "عفوًا ، ما تفهمونا غلط ، ما قصدنا الزواج المثلي".

بتعرفوا، لمجموعة من الناس بتظل تبشّر بالفخر- بكثرة وبشدّة، يبدو أنّنا لا نملك الكثير منه.

لا أحد وعدنا بشيء. المرشحين/ات أعطوا دعمهم، واتشردقوا بكلماتهم هن وعم يعطوه. نصف المرشحين/ات ببساطة لا يكرهون المثليّين. والجميع يرمي الأرز عليهم/نّ كأنّ هذا شيء يحتفل به.

فينا نعمل أحسن من هيك.

ما يغضبني هو أن رسائل الدعم التي يقدمها هؤلاء المرشحون/ات لم يسبق لها أن ذكرت قطّ العابرين والعابرات جندريّا. ولو مرة واحدة. وبطريقة ما، يبشر الإعلام والناشطون المثليون مرّة أخرى بهذا على أنه فوز محتمل لمجتمع الميم - إذا لعبنا أوراقنا جيّدا طبعا. لكن أخبروني كيف من المفترض على الأشخاص اللبنانيين العابرين والعابرات الذين واللّواتي خضعوا وخضعن لعلاجات توكيد الجندر وللعمليات الجراحية، والذين واللواتي لديهم/نّ مليون مشكلة في تحديث بطاقات الهوية في لبنان، أن يصوتوا/ن؟ كيف سيظهرون في مراكز الاقتراع هذه دون خوف من العنف اللفظي والجسدي؟ دون خوف من اتهامهم/ن بإنتحال شخصية؟ ماذا عن حقوقهم/نّ المدنية في التصويت؟ كيف يمكنهم/نّ التصويت لإمكانية سنّ قوانين الجنة المثلية؟ أم هل أنّه من الطبيعي في هذه المجتمعات التقدمية ألا يكون التصويت (وما إلى ذلك) نشاطًا ممكنا للأشخاص التّرانس*؟ فهم وهنّ فقط بحاجة الى إلى الاهتمام بكونهم/نّ ترانس*. طيّب، أليست إمكانية الحصول على وظيفة جزءًا من كونك عابرا/ة ؟ وظيفة تدفع جيّدا؟ وظيفة بإمكانها أن تغطّي كلفة الفواتير؟ أو ربما ليس لدينا أي شيء نقوله عن دفع فاتورتين كهرباء، و3 فواتير ميّ، ورعاية صحية من الجيب، ونظم نقل مثل الزفت، ونحنا عن نسبح في مي سرطانية ونتنفس الهواء السام؟ دعنا نتوقف فرد مرّة عن قولنا تأييد مجتمع الم.م.م.م.م، وخلّينا نتعلم ما نضم الحروف ببعضهن بس تيبيّن عددنا أكبر. وقت كلّ شيء يفعله ذلك هو رفع عدد قليل من الذين سوف يركلون الباقي بمجرد ارتقائهم قليلا.

أن ننظّر لفكرة أنّ الأشخاص الكوير والتّرانس* لا يهتمون سوى بـ 534، ألّا يكونوا عرضة للكراهيّة، أو للمسة الظهر الراضية والخفيفة والمشمئزّة (أو الثقيلة والمُستقطبة) - هو التَحْجِيم ذاته. فهو عُلويّ. مهين. والأسوأ – هو غير صَحِيح تماما.

وإليك ما نعرفه عن القوانين. تقع إزالة واحد بغيض. سيجدون آخر. قم/قومي بإزالة جرائم الشرف من قانون العقوبات، ستجد/ين نفس الجريمة مودعة تحت اسم "الجريمة في لحظة من الغضب". لا يمكنكم أن تقاضوا امرأة عابرة خلال الـ 534 بسبب عدم وجود دليل على ممارستها للـ "جنس ضد الطبيعة"؟ استخدموا إذا سرقة الهوية والبغاء والفسوق وعدم الاحتشام العام و"التنكر كإمرأة" وغيرها الكثير لاحتجازها عشوائيا.

إن الادعاء بأن إزالة 534 سيساعدنا في الوصول إلى الصحة الجنسية بشكل أفضل قد يكون لديه بعض النية الحسنة في ذاك المنظور التقليدي للصحة العامّة في علاقتها بالمحدّدات المجتمعيّة، ولكن ماذا عن تكلفة هذه الصحة باهظة الثمن! دعنا نقول أن الناس لديهم/نّ حاجز واحد أقل، ماذا عن حقيقة كون الرعاية الصحيّة مكلفة للغاية لدرجة أن الناس لا يقومون/ن بفحوصات روتينية للصحة الوقائية، بل يذهبون/ن فقط عندما يحرقهم/نّ شيء أو يحكّ أو يؤلم. نحن نسعى للحصول على الرعاية الصحية - لا الجنسية فقط بل معظم الصحة – وقت نمرض. قد يتحدث هؤلاء السياسيون عن حقوق المثليين، لكنهم ما زالوا يدعمون خصخصة الصفقات الصحية والأدوية التي تسحب الأدوية غَيْرُ مَحْدُوْدِ المُلْكِيَّة لفيروس نقص المناعة البشرية وموانع الحمل الطارئة من السوق، لتحل محلّها أدوية قليلة ومكلفة. والحقيقة هي أن المرأة غير المتزوجة ، سواء كانت كويريّة أو لا، نشطة جنسياً أو لا ، مع أو دون 534 ، تعرف جيداً عن الكفاح من أجل الوصول إلى الصحة الجنسية. شلنا الـ 534. هل يساعد ذلك المنسوبات نساء عند الولادة وغير المتزوجات على الوصول إلى الصحة الجنسية بشكل أفضل؟ لا. هذه المشكلة متجذرة بشكل أعمق والتصويت لحلفاء المثليين يلّي بيعتقدوا إنها لازم تضبّ اجريها، وتفوت ع الحبس إذا أجهضت، وما تفكّر في وسائل منع الحمل أبدا،ً وإنّها على الأرجح أثارت شريكها بضربها، وإنّه الحقّ عليها وقت تُغْتَصَب – مش رح يصلّح الموضوع.

لا يمكننا التفكير فقط في المرشحين/ات المحبين/ات للمثليّين لدى التصويت. لأننا لا نعيش حياة ذات صراع وحيد. لأننا نتألّم بطرق عديدة ومختلفة. ولكن في الغالب لأننا لا نستطيع السماح لهذه السياسة المثلية الفردية أن تبدد رؤيتنا وتحجب آلامنا المدنية/ الصحية/ البنيويّة التحتية/ الاقتصادية/ البيئية. يمكننا التفكير بأنفسنا. نحن نريد أن نرى الحزمة بأكملها. وبما أن أي شخص نصوت له لديه/ا خطط لثلث كبير من سكان لبنان، الذين واللّواتي لا يستطيعون التصويت لما يحدث لهم/نّ، حسناً، أعتقد أننا مدينون/ات للفلسطينية والسورية والمهاجرين والمهاجرات – سواء كوير أو لا - بأنّو ما نصوّت للنّاس يلّي واضح إنها مش مهتمّة بتحقيق العدالة عند انتهاكها ويلّي تحدثوا عن خطط للفقر القسري والبطالة القسرية والتشرد القسري والسجن والترحيل القسري.

ربما يعني الفخر في الواقع أن نرغب في المزيد من أنفسنا ولأنفسنا.

---

إنني فخورة بأن أرفع صوتي هنا في هذا اليوم كنسويّة مثليّة سوداء ملتزمة بالنضال من أجل عالم يستطيع فيه جميع أطفالنا أن يتحرروا من أمراض العنصرية والتمييز على أساس الجنس والجندر والطبقية ورهاب المثلية. فتلك اضطهادات لا يمكن فصلها عن بعض. - أودري لورد ، 1979 ، 1 آذار / مارس في واشنطن من أجل حقوق المثليات والمثليين.