الرسمة لـValeria Araya (حسابها @onreivni على إنستاغرام)

الرسمة لـValeria Araya (حسابها @onreivni على إنستاغرام)

أن نشعر بالثقل: تدوينات مبدئية عن الإعاقة والمناليّة والحب

تم نشر هذا المقال أساسا في العدد العاشر من مايكشفت ماغزين.

ترجمة رولى الصغير

 

هذه مجرّد بداية: غطسة في المياه التي رغم أنّني أسبح فيها كل يوم، تعلّمت ألّا أتحدث عنها أبدا. أنا أعاني من كيفية الحديث عن الحب بصوت عالٍ بطريقة مناليّة ولا تقلل من أمجاد الحب كلّها، ولكنها في نفس الوقت توضح الطرق التّي يقوم فيها التمييز على أساس القابليّات الجسدية والنفسية المعيارية بلوي الحب والعلاقات وتهديدها. لقد قامت الحاجة المستمرّة إلى التفاوض في جميع علاقاتي على المناليّة* نظرا لقابليّاتي الجسدية غير المعياريّة، أو الاعاقة الجسدية، بتشكيل نوع التواصل والحب المتاح لي في عالم يميّز على أساس القدرة الجسدية والنفسية. لقد تملّكني الخوف من فتح صندوق باندورا الحامل لحميميات التمييز على أساس القابليات الجسدية والنفسية المعيارية. وهو خوف من الحديث عن بعض الأجزاء العميقة عمّا تعنيه الإعاقة في حياتي.

في معظم الأيام أشعر أنّ المنالية والحب مثل الزيت والماء. فأتساءل كيف يمكن لهما التواجد معا. أنا أتحدث عن الحب في معناه الأشمل، أو أي علاقة يوجد فيها الحب، سواء كان ذلك بين الأصدقاء/الصديقات أو العشاق/العشيقات أو أفراد الأسرة (المختارة أو بالنسب أو الظرف)، وأفراد المجتمع، إلخ. كوني امرأة ملوّنة ومتبنّاة وذات إعاقة، أتسائل عن النسيج نفسه الذي يكوّن الحب، وعلى وجه الخصوص، مناليّته للأشخاص ذوي الإعاقة - أو بالأحرى، أنواع الحب (والعلاقات) التي يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة الوصول إليها. كيف يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة المعتمدين/ات على الأحباء من أجل المنالية اليوميّة أن نكون ذواتنا الكاملة عندما يهدد ذلك العلاقات التي يبنى عليها وصولنا ونجاتنا؟ وكيف يمكن لهذه الديناميات أن تدعم العلاقات الحقيقية والعميقة والمحبة؟

يعتقد الجزء الناشط-الحالم-الثوري مني أن المنالية والحب لا يجب أن يكونا منفصلين. ذلك الجزء مني ملتزم بالحب الثوري أو الحب الراديكالي أو أيًا كان ما يطلق عليه هذه الأيام. إنها تنطلق من فكرة أننا إذا عملنا بجد بما فيه الكفاية في هذا الشيء المسمّى بالتحرّر، فإن حياتنا ستكون مختلفة بطريقة ما: ستختلف المؤسسات والعلاقات وكل شيء حولها.

لكنّ حياتي أوضحت غير ذلك. لقد تركتني تجربتي الحية ممسكة بنصف قلبي في كلّ من راحتي يديّ، نصف قلب للمناليّة والآخر للحب، وهو حطام. فوجدت نفسي على منحدرات تعصف فيها رياح باردة، محدّقة في الوادي المشروخ بين النصفين.

لقد شاهدت التمييز على أساس القابليات الجسدية والنفسية يمزق علاقاتي مع أحبّتي. لقد رأيت أن المناليّة تمثل عائقًا أكبر من أن يسمح للناس الوجود في علاقات. لقد اختلقت الأعذار لانعدام المنالية لأنني أحببت الناس ولم أودّ فقدان علاقتي بهم. لقد عفوت عن العنصرية والتمييز على أساس الجندر والعنف ومعاداة المثلية الجنسية لأنني لم أرغب في فقدان المناليّة أو لم أستطع تحمل ذلك. لقد طلبت المنالية في العلاقات أو فاتحت الناس بموضوع التمييز على أساس القابليات الجسدية والنفسية، فقط لأجد العلاقات تنتهي فجأة. لقد بقيت في علاقات عدّة من أجل المنالية كما خفت من الدخول في علاقات أخرى بسببها. لقد تمّ التلويح بالمنالية أمامي، واستخدامها كوسيلة تفوق لذوي/ات القابليّات الجسدية والنّفسيّة المعياريّة، أو معاملتها كمكافأة على السلوك الجيد. لقد قلل أحبّتي من شأن المنالية، وقد أخفوها مرّات كثيرة لدرجة اضطرّتني إلى خلق المنالية  دون معرفة من يـ/توفّرها. لقد احتفظت بأجزاء منّي مخفيّة عن أحبّتي لأنني كنت خائفة من أن أكون كاملة ومعقدة في سياق حاجتي إلى المناليّة، ولم أكن أعرف كيف أفعل ذلك.

هذه هي قسوة التمييز على أساس القابليات الجسدية والنفسية المعيارية: إنها تسلب بعضنا من الآخر. ذاك هو ثقل المناليّة. هذا ما نهمس به ولا نذيعه على الميكروفونات والمؤتمرات. هذا ما نتشاركه في لمحة عابرة بيننا، نحن الأشخاص ذوو/ات الاعاقة أوالشلل أو المرض، في اعتراف أو تنهيدة صامتة أو نظرة غير مركزة. هذا ما لا نتشاركه ولا نعرف كيفية مشاركته، لأنه أمر غريزيّ حسّي، متواجد على مستوى الأرض، بديهيّ لا جدوى من ذكره ما لم يكن سيتغير أبدًا. هو الهواء الذي تنفسته مذ أذكر، كطفلة ذات إعاقة لم تعرف أبدًا تجربة مختلفة - ولم تكن ذات قابلية جسديّة نمطية أبدا.

ثقل اللامناليّة ليس لوجستيًا. الأمر لا يتعلق فقط بالمنحدرات وترجمة لغة الإشارة وقصبات الشرب والمصاعد. إنه جدار متحرّك ومتغير بحجم المحيط بينك وبيني. إنه محسوس وصادم بقدر ما هو ملموس ومادي. إنه أمر نشعر به ولا نتحدث عنه فحسب. يتكون مرّات من عزلة ليلة أخرى في المنزل بينما يذهب الجميع إلى حفلة ما. يتكون من الخوف من أن يتركك من تحبـ/ينـ/هم ومن المفترض أن يحبّوكـ/ي، من ألم التحديق أو المرور، وخيبة الأمل والإرهاق من إجراء نفس المحادثات مرارًا وتكرارًا، من الحماقة النابضة في رفع آمالك وتقليص نفسك من أجل الحفاظ عليها. لدى هذه الوحدة صدى يأتي على شكل الشعور بالعار مرّات، والذنب مرّات، والاعتذارات والشكر المستمرين. إنها المعرفة بأنه بغض النظر عن كيفية تغير الظروف حولي، فإن جسدي لا يزال غير قادر على القيام بأشياء معينة - وسيظل بحاجة إلى أشخاص آخرين وأخريات، وسيظل يرمز إلى التبعية، وسيظل ذا إعاقة.

في الثلاثين من عمري، عشت أنواعًا مختلفة من الحب الجميل، المرتكز بشكل أساسي على الامتياز الذي حظيت به في عدم حبسي في مؤسسة أو منزل جماعي أو غرفة خلفية لعائلتي في الخفاء مثلما يحصل مع العديد من الأشخاص ذوي/ات الإعاقة. وبالفعل، فإن التساؤل عن الحب الذي تشرفت بتجربته على هذه الصفحة أمر مرعب ويعرض علاقاتي الحالية والحب الذي أختبره والمناليّة إلى الخطر. لكنّ هذه الأجزاء من عدالة الإعاقة والتحرر هي التي تأرّقني وتضرّني أكثر من أيّة ملاحظة تمييزية في صالح القابليّات الجسدية النمطيّة، والتي تركت ندوبًا أكثر من أيّة عملية جراحية. هذا هو أساس التمييز على أساس القابليات الجسدية. هذا ما أخشى أن نصارعه بعد إتاحة الوصول ومنالية كلّ بناية وتمرير كلّ السياسات المهمة. وهذا ما أرغب فيه بصفتي امرأة كويريّة ملوّنة ومتبنّاة وذات إعاقة: أن أكون قادرة على الحب دون استخدام المناليّة كسلاح، وأن تتاح لي المناليّة دون الخوف من فقدان الحب.

---

المنالية: تعرف المنالية بالقدرة على الوصول إلى الإمتيازات والفوائد التي يتمتع بها الأشخاص ذوي القابلية الجسدية والنفسية المعيارية (دون إعاقات جسدية أو نفسية)