ندوات عن الجنسانية والصحة الجنسية في مركز العاملات الأجانب

نظمنا، خلال السنة الفائتة، سلسلة من النقاشات التفاعلية حول موضوع الصحة الجنسية والإنجابية، والتي كانت تعقد كل شهرين في المركز الإجتماعي لحركة مناهضة العنصرية أو الMigrant Community Center. تجرى هذه النقاشات في حلقات صغيرة تضم نساء  ينتمين إلى مختلف الجماعات الأجنبية المقيمة في لبنان. لقد إجتمعنا، حتى الآن، بخمس مجموعات، ونعزم على إستكمال هذه النقاشات، على أمل أن نتوسّع بها إلى خارج المركز وإلى مناطق أخرى.

تركّزت النقاشات التي أجريناها ، على مواضيع التركيب البنيوي للإناث والذكور، والحمل، وتجنب الحمل غير المرغوب به  والإلتهابات النتقلة جنسياً، بالإضافة إلى المتعة والتفاوض حول الجنس المرغوب به. تتجاوز هذه النقاشات موضوع الصحة للبحث في تأثير عوامل العنصرية، وغياب قوانين العمل، والإستغلال المهني، ونظام الكفالة على إمكانية الحصول على الرعاية الصحية،  وعلى جودة هذه الرعاية. من الجميل أن نرى النساء مجتمعات لمناقشة الأجساد، لا سيما أجسادهن، وللحديث عن الحميمية والجنس. إن المساحات التي تسمح للنساء الحديث بحرية عن صحتهن الجنسية وما يواجهنه من وصم وعنف (جسدي وغيره) هي محدودةُ جداً. هذا أمر صعب لا سيما بالنسبة لعاملات المنازل الأجنبيات في لبنان، اللواتي يواجهن قيود على وقتهن وحركتهن، من قبل أرباب عملهن، أو قوى الأمن في حال عدم وجود عقد عمل، أو بسبب أعباء العمل والمسؤوليات الجمة. معظم العاملات الأجنبيات في لبنان لا  يتمتعن بساعات عمل محددة، بحيث أنه يفترض بهن أن يكن متوفرات طوال الوقت، وغالباً ما يسكنّ في منازل أرباب العمل.  تعاني هؤلاء النساء من صعوبة في الإستحصال على أدنى حقوقهن الإنسانية، ما يضاعف من مخاطر تعرضهن للإستغلال ضمن قطاع الصحة اللبناني الخاص والمكلف جداً. إن حصولهن على تأمين صحي هو أمر إلزامي من أجل إنجاز أوراقهن في وزارة العمل، لكن  بوليصة التأمين الإلزامية تكون غالباً ضعيفة، بحيث أنها لا توضع بين يدي العاملة (فلا يمكنها إستخدامها إلا إذا برفقة رب عملها)، كما تقتصر تغطيتها على الإصابات المتعلقة بالعمل، وتصلح للإستخدام في عددٍ محدود من المستشفيات  التي تكون عادةً صغيرة أوبعيدة. لكن الأمر لا يتوقف هنا، إذ يُفترض بالعاملات المنزليات أن يكن مجردات من أي جنسانية (وقد أُصدِر بالفعل قرار ينص على ذلك، لكن تمّ سحبه بعد بضعة أشهر)- أي ألا تمتلك حياة جنسية، أو أيه رغبات وخيالات وأفكار متعلقة بالجنس. لكن، وبموازاة ذلك، يتعرض الكثير منهن إلى التحرش الجنسي في مكان العمل، إلا ان ظروف العمل التي يحيينها تسهّل على المعتدي الإفلات من العقاب القانوني. يصعّب هذا الأمر من إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية، ويجعلها عرضة للتمييز. إن الصحة، وما تتضمنه من مفهوم الإستقلالية في الحصول على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، هي، ولطالما كانت، أزمة سياسية بالنسبة للنساء، وبالأخص النساء ذوات الإمتيازات القليلة.

إن تمكن النساء من الإجتماع ببعضهن لمناقشة الجنس والصحة، وتقاطهعما، هو بحدّ ذاته فعل سياسي في بلدٍ يعاني من العنصرية والتمييز في الحقوق والإمتيازات. لذلك نحرص على صياغة محادثاتنا بطريقةٍ تسمح بقراءتها سياسياً. فنناقش جميع وسائل منع الحمل المحتملة، مع ذكر أن عدداً منها غير متوفر أو فائق الكلفة، وأنها جميعها مخصصة للإستخدام من قبل النساء، بإستثناء الواقي الذكري وقطع القناة المنوية (التي لا يقوى الرجل العظيم على تخيلها). وتحمل المرأة وحدها مسؤولية إستخدام وسائل منع الحمل، وهي المذنب الوحيد في حال فشلها.